عادات و تقاليد

من أبرز عادات العرب..إكرام الضيف

بقلم المؤرخ والنسًّابة / محمد سليمان الطيب 

 

 

من المعروف أن الله جعل ¾ الجود والكرم عند العرب دون سائر البشر، أي بقية الناس غير العرب ¼ الكرم فقط من أحمرهم وأسودهم، ولما جاء الإسلام أقر هذه الصفة الحميدة بحديث نبوي: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”، نعم جاء النبي (صلى الله عليه وسلم) ليتمم مكارم الأخلاق النبيلة عند العرب خاصة والناس عامة.

الضيافة خاصة عند البدو من قبائل العرب في مصر أو غيرها من أقطار الوطن العربي في آسيا أو في أفريقيا، هي شيء مقدس وأهم عادات العرب وتزداد عن البادية.

فالضيف مكانة عظيمة في نفس العربي خاصةً البدو في الصحراء، فهم لا يتوانون في تقديم حق الضيف ما دام قد دخل مضاربهم وصار في حماهم، ولا شك أن كرم الضيافة طبع أصيل تميز به العرب عن باقي الأمم على كوكب الأرض، فالضيف عند البدو خاصةً هو الشخص إذا وفد إلى موضع غير موضعه أو جماعة حلّت عند جماعة أخرى، ويُسمون فريق أو قصراء ويقدّم للضيف حق الضيافة حتى لو كان عدوًّا ما دام نزل ودخل بيت مضيفه لأن من دخل البيت فقد أمن على نفسه وخاصةً إذا تناول طعامًا أو شرابًا فيصبح في مأمن حتى لو كان في وكر عدوه.

ويسمى المضيف (معزِّب) ويكون مسؤولًا عن ضيفه ومعه في المسؤولية كل أفراد عائلته، ولا بد من استقبال الضيف بالحفاوة وتقول البدو: الضيف إذا أقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا قام شاعر.

واقترن الكرم بتجديد نار في مجلس الضيوف وتجهيز القهوة وهي أول ما تُقدّم للضيف مع التمر غالبًا ولو كان مجيئه بوقت متأخر لابد من تقديم الطعام له ويسمى ذلك القرى لأنه من موجود البيت، وفي الوجبة التالية يتم عمل وليمة وذبح شاه ويُدعى لها الجيران للترحيب بالضيف وإبداء له عمل عزومات أخرى لديهم.

وأثناء تقديم الذبيحة للضيف يقولون للضيف أعذرنا عن القصور حتى يُشعرونه أن تلك الوليمة هي جهد المقل وأنه يستحق أكثر من ذلك، ولا يبدأ التناول للطعام إلا بعد أن يمد الضيف يده فيه ويقول لمضيفيه باسم الله صيبوا أي عدوًا أيديكم الطعام، ولا يستطيع الحاضرين أن يقوموا قبل أن يفرغ الضيف من طعامه ويقوم من على المائدة ويحمد الله ويدعو للمحلي أو المضيف له أو كما يقول البدو المعزّب، ولا يجوز للضيف أن يتناول وجبتين في غداء أو في عشاء عند آخر غير مضيفه ويتعرّض للقضاء العرفي لأنه بذلك يتهم مضيفه بأنه لم يشبع فذهب لآخر لكي يتغدى عنده للمرة الثانية أو يتعشى عنده للمرة الثانية، ومن آداب المضيف لا يشكوا أمام ضيفه من مرض أو عذر أو فقر أو أي مشاكل ولا يرفع صوته أو يُبدي غضب من أي شيء مع أولاده أو خادمه أو زوجته لكي لا يشعر ضيفه أنه ضيق من ضيافته فيرحل الضيف مكدّر الخاطر، وللضيف ثلاث أيام بلياليها عند معزّبه لا يغادر البيت المضيفة خلالها حتى يسمح له صاحب الدار أو المعزّب بالرحيل ويظل الضيف في حماية مضيفه حتى يبلغ مأمنه.

ومن عادات العرب أن يُشعلون نارًا في جانب البيت أثناء الليل حتى يهتدي لها الضيوف من عابري السبيل، وكان حاتم الطائي من أكرم العرب واشتهر بذلك الأمر وهو إشعال النار ليلًا والجود بما يملك من الإبل والغنم يذبحها بطيب نفس لمن قدم عليه في داره سواء بليل أو نهار، ويُعتبر الضيف عند البدو قدم خير على أهل البيت لأن في عقيدتهم أن الله تعالى يخلف على صاحب الدار لأنه سبحانه كريم يُحب الكريم من عباده ويبغض الشح والبخل وكما قيل في أمثال الأولين “قاتَل الله البخلاء”.

والكرم يقول فيه البدو أنه أنواع فيه جود بالموجود، وفيه جود حمو كبود بمعنى أن فيه ناس تقدم للضيف المتاح عندها فقط، وفيه ناس تقترض من أجل إكرام الضيف وتقديم له طعام يليق به أي يذبحون له شاة ولا يكتفون بتقديم سمن وعصيد ولبن وجريش من القمح كبعض من يفعل من البدو.

والضيف الغريب عن العشيرة والقبيلة دائمًا يحظى بالاهتمام عن ابن القبيلة أو المقيم في نفس المنطقة.

وعلى الضيف واجبات هو عدم التدخل في أي شأن لمضيفه أو السؤال عن أمور شخصية أو النظر إلى النساء اللاتي يمرن أمام المجلس، وإذا أراد قضاء حاجته يستأذن من راعي البيت ويبتعد عن محارم البيت مسافة كبيرة في الخلاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى