تاريخ ومزارات
الخليفة العباسي المكتفي بالله يرد على الروم
في عهد الخليفة العباسي المكتفي بالله عام 291 للهجرة تعرضت الثغور الإسلامية على حين غفلة من أهلها لهجوم كبير من الروم فتوغلوا و قتلوا و اسروا و سبوا الكثير من المسلمين ، و ذلك لانشغال المسلمين بقتال القرامطة و بعض المارقين في ديار الإسلام .
لكن الرد لم يتأخر فقد قام أمير البحر المسلم ” ليو
الطرابلسي” بحملة من طرسوس بأسطول كبير يقدر بـ 54 سفينة بالتعاون مع أساطيل من المغرب و مصر فأغار على مدينة انطاليا البيزنطية ( جزء من تركيا حاليا ) ثم خاض باسطوله مياه البحر الأبيض المتوسط حتى توغل في بحر ايجه و هاجم المدينة الثانية من حيث الأهمية في بيزنطة و هي مدينة تسالونيك اليونانية ، فكانت غزوة مزلزلة ، و نالوا غنائم هائلة حتى بلغ سهم المحارب الواحد 1000 دينار ، كما حطموا القوة البحرية للمدينة و اسروا الكثير من الروم و انقذوا نحو خمسة آلاف اسير مسلم بل و غنموا جزية الروم التي يدفعونها للبلغار و تسبب هذا في مشاكل بين البيزنطيين و البلغار و تتابعت الحملات البرية بعد هذه الغزوة المباركة ..
و ” ليو الطرابلسي ” يوناني اعتنق الاسلام و كان مملوكا لزرافة أو ظرافة .. حاجب الخليفة جعفر المتوكل على الله و سمي ” غلام زرافة” نسبة له كما سمي بـ ” رشيق الوردامي ” و كنيته ابو محمد ، و قد عاش في طرابلس الشام التي ينسب إليها و كان معظم أحفاده من أهل الفضل و العلم و الادب و اصحاب الجاه و الثروة …
و يتبين من هذه الغزوة أن الإسلام لا يعادي الشعوب و القوميات فهاهو اليوناني ” ليو ” يوجع الروم بغزوة في وطنه الأم !!
كما يتبين غلط الصورة المروجة عن دولة بني العباس في المراحل التالية للعهد الذهبي ( عصر الرشيد و المأمون و المعتصم ) ؛ حيث تصور غالبا أنها عهود ضعف تام و خذلان … و الحقيقة مغايرة لهذه الصورة فبالرغم من حالة الاحتقان السياسي في دوائر الحكم إلا أنها لم تخل من بطولات و أمجاد و هذا هو حال الدول و الممالك …