تاريخ ومزارات

مهر العروس في الصين تقاليد تتغير وقيمة تتصاعد مع الزمن

يعد مهر العروس واحدا من اقدم التقاليد الاجتماعية في الصين، ولا يزال حاضرا بقوة في طقوس الزواج حتى يومنا هذا، رغم التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي شهدها المجتمع الصيني عبر العقود، فمن قطعة قماش ملونة في خمسينات القرن الماضي، الى الدراجة الهوائية والساعة وآلة الخياطة والمذياع بعد مرحلة الاصلاح والانفتاح، وصولا الى الذهب والمجوهرات ورزم النقود في العصر الحديث، ظل مهر العروس يتغير شكلا وقيمة مع تغير الزمن، بينما استمرت قيمته في الارتفاع بشكل لافت.

ما هو مهر العروس في الصين؟

وقد اثارت خريطة بيانية توضح مهر العروس في مختلف مناطق الصين اهتماما واسعا على موقع التواصل الاجتماعي الصيني ويبو قبل اربع سنوات، حيث كشفت الفوارق الكبيرة في قيمة المهور بين الاقاليم الصينية ومع ذلك، اظهرت التحقيقات التي اجراها مراسل صحيفة الشعب اليومية ان هذه الارقام لم تبق على حالها، بل شهدت تغييرات كبيرة خلال السنوات الاربع الاخيرة، اذ تضاعفت قيمة المهر في عدد من المناطق الريفية، ودخلت متطلبات جديدة مثل شراء منزل وسيارة ضمن شروط الزواج، الامر الذي زاد من الاعباء على الشباب.

وتشير المعطيات العامة الى ان قيمة المهر في المناطق الغربية من الصين تفوق نظيرتها في المناطق الشرقية والجنوبية، كما تسجل المناطق الريفية والجبلية مهورا اعلى مقارنة بالمدن الكبرى، ويعكس هذا التفاوت ارتباط قيمة المهر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المختلفة.

ويقول شياو آن، وهو شاب يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما من ريف باودينغ التابعة لمقاطعة خهبي شمال الصين، ان الحد الادنى لمهر الزواج في قريتهم يصل الى مئة الف يوان، الى جانب ضرورة شراء منزل داخل المدينة وسيارة، مؤكدا ان هذا المعيار اصبح قاعدة شبه ثابتة لا يمكن تجاوزها لمن يرغب في الزواج.

وتكشف التحقيقات ذات الصلة عن انتشار هذه الظاهرة في عدد من المقاطعات الصينية، مثل خهنان وشاندونغ وقويتشو وشانغشي وقانسو، حيث ترتفع قيمة المهر كلما ازدادت معدلات الفقر في المنطقة، ففي بعض قرى مقاطعة قانسو، يصل مهر العروس الى نحو مئة وثمانين الف يوان، وهو رقم يفوق قدرة الكثير من الشباب، ويؤدي في بعض الحالات الى تأخر الزواج او العزوف عنه.

وفي المقابل، تظهر فوارق واضحة في تقاليد المهر بين مناطق الاقليات القومية، مثل شينجيانغ والتبت، ففي شينجيانغ، تميل الفتيات الويغوريات الى تفضيل الحصول على الحلي الذهبية، مثل الاقراط والاطواق والاساور والخواتم، بينما يبقى مبلغ المهر النقدي قابلا للتفاوض، ويتراوح غالبا بين ثلاثين الف ومئة الف يوان.

اما في التبت، فيعد الرجال الاوفر حظا مقارنة بغيرهم، اذ لا يطلب منهم دفع مهر نقدي بالمعنى التقليدي، بل يكتفون بتقديم رأس واحد او اكثر من حيوان الياك، الذي تتراوح قيمته بين ثمانية الاف وعشرة الاف يوان للرأس الواحد، او تقديم خروف او حتى سيارة في بعض الحالات، ما يعكس خصوصية ثقافية واجتماعية تميز هذه المنطقة عن بقية ارجاء الصين.

وهكذا يظل مهر العروس في الصين مرآة تعكس التغيرات الاقتصادية والفوارق الاجتماعية بين المناطق، تقليد قديم يتجدد مع الزمن، ويحمل في تفاصيله حكاية مجتمع يتأرجح بين الحفاظ على الموروث ومواجهة تحديات الواقع الحديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى