مسجد السيد هاشم في غزة صرح تاريخي يروي عبق التاريخ وصمود الأجيال
مسجد السيد هاشم يعد واحدا من أقدم المساجد التاريخية في مدينة غزة، وترجح الموسوعة الفلسطينية أن بناءه يعود إلى أواخر العهد المملوكي على يد السلطان عبد المجيد الثاني عام 1830، ويحتل المسجد مكانة مميزة بين معالم المدينة العريقة لما يحمله من رمزية دينية وتاريخية.
سمي المسجد بهذا الاسم لاحتوائه على ضريح هاشم بن عبد مناف جد النبي محمد، والذي ذكرت بعض المصادر أنه دفن في غزة بعد وفاته خلال رحلة تجارية بالمنطقة، ويشكل الضريح تحت قبة المسجد رمزا للقدسية ويجذب الزوار والباحثين عن المعالم التاريخية الإسلامية.
مسجد السيد هاشم
يقع مسجد السيد هاشم في حي الدرج بالمنطقة الشمالية للمدينة القديمة، ويبعد عن المسجد العمري الكبير مسافة تقارب كيلومتر واحد، وتبلغ مساحة المسجد 2371 مترا مربعا، حيث تتقاطع فيه الأقبية لتغطي قاعة الصلاة الرئيسة المربعة، ويضم المسجد ثلاثة أروقة للصلاة يتوسطها صحن مربع مفتوح، كما يتوسط المسجد ضريح السيد هاشم تحت قبته المركزية.
دور مسجد السيد هاشم في التعليم والعلوم
حمل المسجد على مر العصور مكانة تعليمية كبيرة، فقد كان ملاذا لطلبة العلم، حيث احتوى على ستة عشر غرفة أعدت لإيواء الطلاب وتمكينهم من دراسة العلوم الشرعية وحفظ كتاب الله، وكان المسجد نقطة التقاء للعلماء والمثقفين، وساهم في نشر المعرفة الدينية والاجتماعية في المدينة.
الاعتداءات التاريخية على المسجد
يعرض لعدة اعتداءات على مر العصور، فقد قصفت قبته الكبرى خلال الحرب العالمية الأولى عام 1917، كما لحقت به أضرار أثناء العدوان الثلاثي على مصر بين عامي 1953 و1957، ورغم هذه المحن، ظل المسجد شامخا ومتمسكا بدوره الديني والاجتماعي، وشهد عدة عمليات ترميم وتجديد كان آخرها عام 2017، لكن آخر الاعتداءات كان في الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2024، حيث طال القصف الإسرائيلي المسجد بشكل مباشر.
المسجد في ظل الحرب ومعاناة الأهالي
خلال الأحداث الأخيرة، مثل مسجد السيد هاشم ملاذا آمنا لأهالي غزة، حيث استخدم لتقديم المساعدات للمتضررين، وأكد إمام المسجد زكريا غسان أبو كميل أن المسجد لعب دورا محوريا في دعم السكان، رغم الخوف من استهداف المساجد من قبل الاحتلال.
ويضيف مؤذن وخادم المسجد ماهر هاشم برغوت أن تصاعد القصف أجبرهم على وقف الصلاة بالمسجد حفاظا على حياة المصلين، مما جعل رمضان الماضي من أصعب الفترات على الأهالي، وذكر أن الإغلاق أثر بشكل واضح على المسجد، بما في ذلك تلف ألواح الطاقة الشمسية وخزانات المياه.
رمضان والعودة إلى الحياة الروحية
اليوم، ومع دخول شهر رمضان، يتطلع إمام المسجد أبو كميل إلى عودة الحياة الروحية إلى مسجد السيد هاشم، وامتلائه بالمصلين كما كان في السابق خلال صلاة التراويح وإحياء ليلة القدر، ويشير إلى أن المسجد في بعض الأحيان كان يغلق أبوابه نظرا لضيق المساحة، لكن الروح الدينية لا تزال حاضرة في قلب المصلين والزوار الباحثين عن عبق التاريخ في هذا الصرح العريق.



