الأبناء في الحضارة المصرية القديمة رمز الخلود وامتداد الروح عبر العصور
كتبت شيماء طه
في الحضارة المصرية القديمة، لم يكن الأبناء مجرد أفراد في الأسرة، بل كانوا يمثلون امتداد الروح والاسم والخلود في نظر المصري القديم. فقد آمن المصريون أن الإنسان يظل حيًّا بذكراه، وأن الأبناء هم الضمان الحقيقي لاستمرار ذكراه في الدنيا والآخرة. لذلك، احتلت مكانة الأبناء مكانة رفيعة في الفكر الديني والاجتماعي والفني.
منذ فجر التاريخ، نظر المصري إلى الأسرة على أنها نواة الاستقرار والنظام الكوني. وكان الأبناء دليل بركة واستقرار، خاصة الذكور منهم الذين يضمنون استمرار اسم العائلة وتقديم القرابين لروح الأب بعد وفاته. ومع ذلك، لم تُهمَل البنات؛ فقد أظهرت النقوش حبًا وحنانًا واضحًا من الآباء والأمهات تجاه بناتهم، وبرزت مشاهد تجمعهم في لحظات دفء إنساني صادقة.
وفي المقابر والمعابد، نجد صور الأبناء إلى جوار والديهم، ليس فقط كتذكار للحياة الأسرية، بل كدليل على ارتباط الأرواح بعد الموت. فالمصري القديم آمن بأن الأسرة ستجتمع مجددًا في العالم الآخر، ولذلك كان الأبناء يرافقون صور والديهم في النقوش لتأكيد هذا الترابط الأبدي.
أما في النصوص الدينية مثل كتاب الموتى، فقد وردت إشارات تؤكد أهمية الابن البار الذي يرعى والديه في حياتهما وبعد وفاتهما، ويقدّم لهما القرابين. وكان الابن الذي يؤدي هذه الطقوس يُعدّ ضامنًا لسلامة روح والده في العالم الآخر.
لقد جسّد الفن المصري القديم مشاعر الأبوة والأمومة والبنوة في أرقى صورها، لتصبح العائلة المصرية القديمة نموذجًا للتماسك والخلود.
فالأبناء كانوا في نظر المصري القديم رسالة استمرار للحياة وذاكرة خالدة تحفظ اسمه ووجوده عبر العصور.



