أقدم مستوطنة معمارية في الجزيرة العربية.. اكتشاف سعودي يعيد كتابة تاريخ الحضارات

أعلن وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود عن كشف أثري ضخم، يتمثل في العثور على أقدم مستوطنة معمارية في الجزيرة العربية، بموقع “مصيون” شمال غرب تبوك. الاكتشاف جاء ثمرة تعاون بين هيئة التراث السعودية وجامعة كانازاوا اليابانية وبالتنسيق مع مشروع نيوم.

المستوطنة تعود لـ 11 ألف عام

تشير الدراسات إلى أن الموقع يرجع إلى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، أي قبل نحو 11000 – 10300 سنة. وهو ما يضع المملكة في قلب المشهد الحضاري القديم إلى جانب مناطق الهلال الخصيب التي ارتبطت ببدايات الاستيطان البشري.

 دلالات حضارية متقدمة

أوضح الدكتور عجب العتيبي، مدير عام قطاع الآثار بهيئة التراث، أن الاكتشاف يضم أدلة على ممارسة الزراعة وتدجين الحيوانات، مثل حبوب القمح ومناجل الحصاد، بالإضافة إلى عظام حيوانية. وهو ما يعكس انتقال الإنسان من حياة التنقل والجمع إلى الاستقرار وتشكيل مجتمع منظم اقتصادياً وثقافياً ودينياً.

 نتائج أربعة مواسم من التنقيب

منذ ديسمبر 2022 وحتى مايو 2024، نفذ الفريق العلمي السعودي – الياباني أربعة مواسم ميدانية، تضمنت تنقيباً علمياً دقيقاً كشف عن وحدات معمارية شبه دائرية، مبانٍ سكنية، مخازن، مواقد نار، وأدوات حجرية وزينة نادرة. كما تم العثور على هياكل بشرية وحيوانية، وقطع مزخرفة بخطوط هندسية ذات دلالات رمزية.
كنوز مدفونة تؤكد عمق التاريخ السعودي

يرى الدكتور خالد الأسمري، رئيس قسم الآثار بجامعة الملك سعود، أن هذا الاكتشاف ينفي المزاعم حول غياب الحضارات القديمة في الجزيرة العربية، ويؤكد أن المملكة كانت جزءاً من شبكة حضارية نشطة منذ آلاف السنين.

أكدت هيئة التراث أن هذا الكشف يمثل منعطفاً علمياً لفهم بدايات الاستقرار البشري، ويعزز فرضية أن شمال غرب المملكة كان امتداداً طبيعياً للهلال الخصيب، وموطناً مبكراً لتحولات الإنسان من الترحال إلى الاستقرار.