قبل ساعات من حرب أكتوبر.. القصة الكاملة لإفشال سلاح النابلم الرهيب على ضفة القناة

في ليلة حالكة قبل فجر الخامس من أكتوبر عام 1973 كانت مياه قناة السويس على موعد مع واحدة من أخطر العمليات السرية في تاريخ الحروب، حيث تسللت مجموعات من الضفادع البشرية المصرية أبطال القوات البحرية تحت جنح الظلام بعزيمة لا تلين، وكان هدفهم واضحاً تعطيل فتحات النابلم التي زرعها الكيان على الضفة الشرقية للقناة لتحويل مياهها إلى جحيم من النيران يستحيل عبوره.
القصة الكاملة لإفشال سلاح النابلم الرهيب على ضفة القناة
الفكرة كانت جهنمية، صهاريج ضخمة مملوءة بخليط من النابلم والزيوت سريعة الاشتعال، متصلة بأنابيب بقطر ست بوصات تنتهي بفتحات تحت سطح الماء، وبمجرد تشغيلها تتحول القناة إلى حاجز ناري تصل حرارته إلى 700 درجة مئوية، وهو ما كان كفيلاً بمنع أي جيش من العبور، لكن المخابرات المصرية بفضل شجاعة الجاسوس رفعت الجمال حصلت على خرائط دقيقة لمواقع تلك الأنابيب وعينة من السائل الحارق لتحليلها.
لم تكتف المخابرات بالمعلومات، بل أجرت تجربة محاكاة في صحراء مصر، حفرت قناة شبيهة بالسويس وضخت فيها النابلم لاختبار مدى خطورته، وخلال العبور التجريبي استشهد عدد من الجنود الأبطال بعدما أثبتت التجربة أن اجتياز هذا الجحيم أمر مستحيل، ما جعل الجميع يدرك أن نجاح الحرب يتوقف على تعطيل هذا السلاح الرهيب.
في هذه اللحظة ظهرت عبقرية الرائد البحري أحمد مأمون الذي ابتكر مادة خاصة تتجمد بسرعة في مياه القناة وتسد الفتحات تماماً، وتم عرض فكرته على قائد القوات البحرية ثم على الرئيس أنور السادات الذي أقرها فوراً، لتتحول إلى خطة سرية لا يعرفها سوى قلة من القادة.
في ليلة الخامس من أكتوبر، ساعات قبل اندلاع الحرب، انطلقت مجموعتان من الضفادع البشرية بقيادة أبطال مثل علي أبو الحسن من المجموعة 39 قتال، الأولى قطعت خراطيم الطلمبات والثانية أغلقت 36 فتحة كاملة بمادة مأمون السريعة الجفاف، وكانت العملية دقيقة وخطيرة فأي خطأ كان كفيلاً بكشفها وتنبيه العدو.
نجحت العملية بشكل مدوٍ، فعندما حاول الجنرال شموئيل جونين قائد جبهة سيناء تشغيل أجهزة النابلم فشلت تماماً، ما دفع موشيه ديان وزير الدفاع إلى توبيخه قائلاً أنت تستحق رصاصة في رأسك، دون أن يدرك أن الأمر انتهى وأن الفتحات سدت نهائياً.
بهذا الإنجاز تحولت العملية إلى حجر الزاوية في انتصار حرب أكتوبر، فلم يكن الأمر مجرد تعطيل سلاح، بل مثال على براعة التخطيط المصري وجرأة جنوده ودهاء مخابراته، حيث فشل النابلم في حماية العدو وأبقى قواته في غفلة تامة حتى دوّت مدافع العبور معلنة بداية النصر العظيم.



