تاريخ ومزارات

عنترة ابن شداد و ديار بنى نبهان

يحكي الأصفهاني عن عنترة بن شداد العبسي فيقول “أغار عنترة على بني نبهان وهو شيخ كبير طاعنٌ فى السن،

وكان وزر بن جابر النبهاني الملقب بالأسد الرهيص في مقتبل العمر وفي قمة قوته وشبابه، فرماه الرهيص صارخاً خذها مني يا عنترة وأنا ابن سلمى، فشق الرمح ظهر عنترة،

وتحامل حتى جاء إلى أهله وهو جريح ينزف وقال لهم:

إِنَّ اِبنَ سَلمى فَاِعلَموا عِندَهُ دَمي

وَهَيهاتَ لا يُرجى اِبنُ سَلمى وَلا دَمي

يُحِلُّ بِأَكنافِ الشِعابِ وَيَنتَمي

مَكانَ الثُرَيّا لَيسَ بِالمُتَهَضِّمِ

رَماني وَلَم يَدهَش بِأَزرَقَ لَهذَمٍ

عَشِيَّةَ حَلّوا بَينَ نَعفٍ وَمَخرَمِ،

 

وكان واضحاً أن عنترة بذلك القول يسجل بوضوح أنه عندما يموت فلن يثأر له أحد، لأن قبيلته لم تعطه حياة الحر إلا بقوته وسيفه، وظلت نظرة أبناء القبيلة له نظرة استعلاء فهو ليس منهم ولونه ظل حاجزاً بينه وبين أبيه وعمه وقبيلته،

 

عاش عنترة مأساة الغربة عن أبيه والقبيلة، قد أخذ لون أمه ولم يستطع أن يأخذ الحنان من أبيه ولم تقدم له القبيلة ما يجعل الحياة بالنسبة إليه مرغوبة أو ذات قيمة.. ولقد ناضل عنترة وسعى بكل ما ملك من قوة الجسد وعبقرية الفكر أن ينتمي إلى القبيلة بتحليه بفضائل وصفات لا يحوز عليها إلا الفرسان الأشدّاء والرجال الصناديد.

 

لقد سجلت المراجع وكتب التاريخ عن عنترة أنه بطل شجاع جريء الفؤاد، حليم الطباع، رقيق القلب، دقيق الإحساس، رحب الصدر، سمح المخالقة، عفيف النظر واللسان، كريم جواد، وهو إلى ذلك عاشق محروم ممن يحبه، يتألم ويشكو من حظه العاثر في الحب ومن ظلم قومه له وإنكارهم جميل فعله نحوهم،

وبعد كل هذا مات عنترة مقتولاً ولم يهتم به أحد من قومه، ولم نسمع بأن أحداً من قبيلته قام يطالب بثأره، أو حتى تقبَّل العزاء فيه، لم نسمع قصيدة رثاء واحدة، وكأن عنترة لم يكن وليوم واحد قبل وفاته محط أنظار الجميع، تتوق لسماع أخباره الآذان، وتطرب لقصائده القلوب،

يقول عنترة

يا عَبلُ أَينَ مِنَ المَنِيَةِ مَهرَبي

إِن كانَ رَبّي في السَماءِ قَضاها

وَكَتيبَةٍ لَبَّستُها بِكَتيبَةٍ

شَهباءَ باسِلَةٍ يُخافُ رَداها

خَرساءَ ظاهِرَةِ الأَداةِ كَأَنَّه

نارٌ يُشَبُّ وُقودُها بِلَظاها

فيها الكُماةُ بَنو الكُماةِ كَأَنَّهُم

وَالخَيلُ تَعثُرُ في الوَغى بِقَناها

شُهُبٌ بِأَيدي القابِسينَ إِذا بَدَت

بِأَكُفِّهِم بَهَرَ الظَلامَ سَناها

مصدر

كتاب لسان العرب لإبن منظور

كتاب أيام العرب للأصفهاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى