عادات و تقاليد

“لمة البيت العود”.. دفء الجمعة الذي لا يغيب عن البيوت البحرينية

تعتاد العائلات البحرينية على الاجتماع أسبوعيًا في “البيت العود”، وهو بيت الجد والجدة، أو المنزل الكبير الذي يجمع الأبناء والأحفاد، في هذا التجمع، يتبادل أفراد العائلة أطراف الحديث، ويتعرفون على أحوال بعضهم البعض، في مشهد اجتماعي يعزز روابط الدم، ويقوي العلاقات بين أبناء العم والخال، ويعيد دفء الألفة في ظل زحام الحياة، لكن، في ظل كثرة المشاغل وتشتت الأسر، بدأ يتردد السؤال: هل لا تزال لمة البيت العود قائمة؟ وماذا تعني لأفراد العائلة اليوم؟

اجتماع الجمعة.. عادة لا تنسى

وفي هذا الإطار، تقول الشابة هدية بوضاحي: “ما زلنا نجتمع كل يوم جمعة في بيت جدي، منذ الصباح وحتى المساء. ألتقي بأخوالي وخالاتي وأبنائهم. هذه اللمة تعني لي الكثير، فهي تقوي ترابطنا وتشعرني بأننا يد واحدة”.

وأضافت “بوضاحي”: “أحيانًا تضطرني ظروف الدراسة إلى الغياب، لكنني أؤمن أن أجهزة التواصل كالبلاك بيري لها دور في إضعاف هذه العادة، إذ أصبحت العائلات تتواصل رقميًا بدلًا من اللقاء الحقيقي”.

التفرغ لجمعة الأهل

ومن جهتها، شددت جنان الناجم، على أهمية هذا اللقاء، مؤكدة أنها تفرغ يوم الجمعة بالكامل للقاء عائلتها، قائلة: “هذا اليوم لا يفرط فيه، نلتقي، نتحدث، نضحك، نحتفل، ونشجع أبناء العائلة، علاقتنا تقوى أكثر في كل لقاء، والمودة بيننا تزداد”.

وأشارت “الناجم”، إلى أن تحديد يوم أسبوعي للعائلة أمر جوهري، مهما كانت الظروف والانشغالات، لأن الترابط العائلي أساس الحياة النفسية والاجتماعية.

افتقاد التجمع الكبير

أما شيخة العامر، فتعبر عن حزنها لفقدان لمة البيت العود منذ نحو 8 سنوات، بعد وفاة جدتها، وتقول: “أصبح تواصلنا يتم عبر البلاك بيري، دون طعم اللقاء المباشر، تجمعنا الكبير بات محصورًا في المناسبات، لكني لا زلت أحرص على لقاء إخوتي وأبنائهم”.

كما أوضحت “العامر”، أن الحياة الحديثة شتّتت اهتمام الأسر الكبيرة، وجعلت كل عائلة منشغلة بأمورها الخاصة، مما قلل اللقاءات الأسبوعية.

لقاء السبت

ومن جانبه، يشير صالح يوسف صالح إلى أهمية تجمعه الأسبوعي مع أسرته كل يوم سبت، سواء في بيت والده أو خارج المنزل. يقول: “هذا اللقاء الأسبوعي لا يمكن الاستغناء عنه، إنه الحبل الذي يشدنا معًا، ونستعيد فيه دفء الأسرة، بعيدًا عن مشاغل الحياة”.

ووصفه “صالح”، بأنه نوع من “التجديد الذهني والنفسي”، يمنح الفرد طاقة جديدة، لا سيما مع مشاركة الأطفال في أنشطة محببة تعزز من روح الأسرة.

جمعة العائلة.. واجب لا يهمل

وفي السياق ذاته، تحدث  ياسر صالح مسامح، عن تجربته مع لقاء الجمعة الذي ورثه منذ طفولته، حيث يجتمع مع الأعمام والعمّات وأحفادهم. يؤكد أنه لا يتخلف عن اللقاء إلا لعذر قاهر، ويعتبره “واحة تواصل حقيقية”، تقام خلالها احتفالات للعائلة كالنجاحات وحفظ القرآن.

لكنه يلاحظ أن بعض الأسر بدأت تفقد هذا الترابط بسبب انتقال الأبناء للسكن بعيدًا عن البيت العود، ما تسبب في ضعف التواصل أو حتى انقطاعه أحيانًا.

وعي جديد بأهمية اللمة

وبدورها، تؤكد أمينة السندي، أخصائية بحوث أول في بلدية المنطقة الوسطى، أن هناك عودة تدريجية للوعي بأهمية تجمع العائلة، بعد أن لمس الناس آثار التباعد والانشغال، قائلة: “أصبح هناك نوع من العطش للّمة، فتحدد الأسر يومًا للاجتماع، غالبًا في بيت الأم أو الأخ الأكبر”.

وأوضحت “السندي”، أن المجتمع البحريني يقدم نموذجًا فريدًا في الترابط العائلي، ولهذا التواصل أثر مباشر على الصحة النفسية، إذ يمنح الإنسان شعورًا بالأمان والانتماء.

وفي ختام حديثها، شددت “السندي”، على أن الدين الإسلامي يحث على صلة الرحم، والابتسامة، والترحيب، وهي قيم تحافظ على العلاقات الأسرية، وتمنع الإنسان من السقوط في العزلة أو التشتت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى