من اللعب بالرمل إلى عالم التكنولوجيا.. كيف تغيرت وسائل الترفيه في حياة أطفال الكويت؟

في الماضي، عاش أطفال الكويت تجربة ترفيهية بسيطة، استمدوا متعتها من الواقع المحيط بهم، حيث صنعوا ألعابهم بأيديهم مستخدمين ما يعثرون عليه من مواد مهملة في الطرقات أو على الشواطئ، مستغلين وقت فراغهم بعد انتهاء الدراسة التي لم تكن تستغرق ساعات طويلة.
كيف تغيرت وسائل الترفيه في حياة أطفال الكويت؟
اعتمد الأطفال على تقليد الكبار لاكتساب المهارات، فمشاهدتهم للآباء والأمهات أثناء أداء أعمالهم اليومية منحتهم خبرة جعلتهم يتقنون صنع ألعابهم الخاصة، من أبرز ما ابتكروه لعبة الدويرة، وهي نسخة مصغرة من البيوت الكويتية التقليدية، يصنعونها من مواد تشبه مواد البناء الأصلية، ويستخدمونها لحفظ الطيور الصغيرة أو بعض مقتنياتهم.
تأثر الأطفال كذلك بمهن آبائهم البحرية، فقاموا بصناعة قوارب صغيرة عرفت باسم العدال، مستخدمين صفائح الكيروسين الفارغة، وكانت هذه القوارب تطفو على سطح الماء، ويتسابقون بها في ألعاب جماعية، أما من هم أكبر سنًا، فصمموا قوارب أكبر أطلقوا عليها اسم تنك، قادرة على حمل شخصين، ويمكن الإبحار بها داخل البحر لمسافات ليست قصيرة.
ابتكر الأطفال أيضًا العربانة، وهي عربة بدائية تتكون من صندوق خشبي مثبت على عجلات، استخدمت في اللعب والتنقل. أما في الجانب الفني، فقد صنعوا أدوات موسيقية بسيطة مثل الدنبك، وهو طبل صغير يصنع من جلد خروف مشدود على فوهة جرة فخارية، إضافة إلى الآلات الوترية كالعود والربابة مستخدمين أوتارًا تشد على صفائح معدنية، وصنعوا أيضًا الناي البدائي المعروف باسم الماصول من الخيزران.
مارس الأطفال هواية القنص وتربية الطيور، فكانوا يربطون خيطًا في ساق الطائر ويمسكون طرفه الآخر، ويطلقونه ليتدربوا على مهارات الصيد، كما رَبّوا الحمام إما للبيع أو للطعام أو للمشاركة في السباقات.
قضى الأولاد أوقاتًا ممتعة على الشاطئ في فصل الصيف، حيث كانوا يسبحون أو يرمون الحصى على سطح الماء ويتنافسون في عدد القفزات التي تحققها كل حصاة، مرددين عبارات مرحة تزيد من أجواء التسلية.
شاركت البنات كذلك في ألعاب اجتماعية جماعية مثل الشروكة، وهي عادة مستوحاة من الأمهات، حيث تجتمع الفتيات ويشاركن بأنواع من الحبوب والخضار كالعدس والطماطم والأرز، ويقمن بطبخها معًا لتحضير وليمة رمزية لحفل زفاف دمى العرائس.
كما ابتكرن الكردية، وهي دمية تُصنع من عصوين بشكل صليب أو من عظام الحيوانات، تُكسى بقماش وتُركب لها رؤوس من القواقع البحرية، إضافة إلى الأراجيح المصنوعة من الحبال والخشب والمراوح الورقية، واستخدمن قشور جوز الهند المحروقة لصناعة أدوات تزيين يدوية بلون أسود لتلوين الأظافر واليدين.
ومع مرور الزمن، تنوعت أساليب الراحة والرفاهية نتيجة لتغير نمط الحياة، حيث ساهمت مواعيد العمل والدراسة والعطلات في خلق فاصل واضح بين وقت الجهد ووقت الترفيه سابقًا، كان الأطفال يكتفون باللعب مع أبناء الجيران أو حضور حلقات تعليم القرآن، ولكن مع دخولهم المدارس النظامية منذ المراحل الابتدائية وحتى الجامعية، تعددت أنشطتهم اليومية.
قبل اكتشاف النفط، اعتمد الأطفال على خيالهم وابتكارهم في صناعة أدوات التسلية، أما الآن، فقد تغير المشهد تمامًا أدت وفرة وسائل الترفيه داخل المنازل مثل التلفزيون، وألعاب الفيديو، والكمبيوتر، وتوفر الألعاب الجاهزة في الأسواق إلى انشغال الأطفال، ما قلل من وقت فراغهم ولم يترك لهم فرصة لابتكار الألعاب كما في السابق.
في المقابل، ازداد الإقبال على الأنشطة الخارجية، فأصبحت العائلات والأصدقاء يتجمعون في المقاهي والمطاعم الكبرى داخل الفنادق الفخمة، والتي تحولت إلى مراكز اجتماعية وثقافية، تقام فيها معارض للفنون واللوحات والمجوهرات وحتى المأكولات، لتأخذ الترفيه من شكله البسيط إلى عالم متطور يحمل طابعًا حديثًا.