تاريخ ومزارات

ملوك مصر القديمة.. حكاية الملك سمندس وقبره المفقود

يضم التاريخ المصري القديم العديد من القصص الغامضة والأسرار العميقة، التي لا تكشفها سوى القطع الأثرية التي يعثر عليها من حين لآخر، إذ من الصعب تتبع تفاصيل تلك الحقب الزمنية التي امتدت لقرون، بعض وقائعها دون على جدران المعابد في زمن الكتابة المصرية القديمة، وأخرى بقيت طي الكتمان حتى أفصحت عنها كنوز تخرج من باطن الأرض، وفي قلب هذه الحكايات، تبرز قصة الملك “سمندس”.

أولى الإشارات في قصة “ونآمون”

وظهر أول ذكر لهذا الرجل في قصة “ونآمون”، وهي وثيقة تعود أحداثها إلى السنة الخامسة من عهد “النهضة” خلال فترة حكم رعمسيس الحادي عشر، أي في عامه الرابع والعشرين.

كما ذكر “حريحور” في هذه الوثيقة بصفته كاهنًا أعظم للإله آمون مرتين، وتشير سياقات الوثيقة إلى أن “سمندس”، حاكم “تانيس”، لم يكن قد تقلد الحكم بعد، ويبدو أنه اعتلى العرش لاحقًا بعد أن تراجع “حريحور” عن ملك “تانيس” وركز سلطته في “طيبة”.

ويرجح البعض، كـ”دارسي”، أن “سمندس” توفي قبل “حريحور”، إلا أن هذا الأمر لم يحسم بعد، بل إن العكس قد يكون أقرب للواقع.

من وزير إلى ملك

كما تشير الدلائل إلى أن “سمندس” كان في البداية وزيرًا قبل أن يصبح ملكًا، ويحمل اسمه المصري “نسبانبدد” والذي يعني “خادم كبش منديس” – وهو معبود كان يقدس في “تانيس”. واستطاع هذا الرجل أن يستثمر الأزمات التي عصفت بتلك المدينة ليعزز سلطته ونفوذه.

ولعل أبرز ما قام به كان تحالفه الرمزي مع كبش “آمون”، فعندما أصبح “حريحور” الكاهن الأكبر للإله آمون، نسب ألقابه الملكية لهذا المعبود، وسار “سمندس” على النهج نفسه، وفي تلك الفترة، كان “سمندس” يشغل منصب الوزير خلال قيام “ونآمون” برحلته في سوريا.

العائلة الملكية والورثة

كما تزوج “سمندس” من “تنتآمون”، ورزق منها بابنتهما “حنت تاوي” التي حملت لقب “المتعبدة للإلهة حتحور” ثم أصبحت “زوجة ملكية”.

أما والدتها “نتسآمون”، فهي ابنة “نبسني” الذي عثر على تابوته في خبيئة الدير البحري، ولاحقًا أصبحت “حنت تاوي” الكاهنة الأولى للإله آمون، وتزوجت من “بينوزوم الأول”، وأنجبت منه ابنهما “بسوسنس الأول”.

وقد نقشت هذه الأنساب الملكية على مجوهرات وجدت على مومياء “بسوسنس”، حيث حفرت طغراء الملك واسم والده على خلاخيل الركبة، أما خلاخيل الكعب فنقش عليها اسم الملك في الخارج، واسم الأب والجد في الداخل، كما ذكر اسم الملكة “موت نزم” زوجة “سمندس” وأم “بسوسنس” على سوارين.

ملك تانيس المجهول المصير

استولى “سمندس” لاحقًا على الألقاب الملكية، ويعده “مانيتون” الملك الشرعي ومؤسس الأسرة التي حكمت من “تانيس”، بينما لم يذكر “حريحور” ضمن ملوك مصر، ويبدو أن “حريحور” لم يعترف به كملك على مصر بأكملها، بخلاف من سبقه كأمنحتب، الذي شغل منصب رئيس كهنة آمون.

ولا يعرف موقع دفن “سمندس”، ولم يعثر على آثار ملموسة لنشاطاته داخل “تانيس” حتى يومنا هذا، والنقش الوحيد المنسوب إليه اكتشف في “طيبة”، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول حياته وحكمه وموته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى