حوارات و تقارير

الحرف التقليدية في سلطنة عمان: ذاكرة العمل اليدوي

أسماء صبحي – تعد الحرف التقليدية في سلطنة عمان من أبرز ملامح التراث الثقافي العريق. إذ تمثل انعكاسًا حيًا لتاريخ طويل من المهارات اليدوية التي توارثتها الأجيال عبر القرون. وحافظ عليها العمانيون كجزء من هويتهم الوطنية.

ولم تكن هذه الحرف مجرد أنشطة اقتصادية أو مهارات إنتاجية فحسب. بل كانت وما زالت رمزًا للارتباط بالأرض، والتعبير عن البيئة، والتفاعل مع متطلبات الحياة اليومية بأساليب يدوية بسيطة ولكنها مدهشة في دقتها وجودتها.

إرث ثقافي متجذر

يتميز المجتمع العماني بتنوع بيئاته ما بين الساحل، والجبال، والواحات، والصحراء. وهو ما انعكس على تنوع الحرف التقليدية المنتشرة في مختلف مناطق السلطنة. فعلى سبيل المثال، تشتهر المناطق الجبلية بحرفة صناعة الفخار. حيث يستخدم الطين الطبيعي في تشكيل أواني منزلية تقليدية مثل الجرار والقدور. أما المناطق الساحلية، فقد ازدهرت فيها حرفة صناعة السفن الخشبية التقليدية (السنبوك والبغلة) التي استخدمت في التجارة وصيد الأسماك.

من أشهر الحرف التقليدية

من أبرز الحرف التي ارتبطت بالذاكرة العمانية:

  • صناعة الفضيات: مثل الخناجر والعقود والخواتم، التي ينقش عليها زخارف مستوحاة من التراث العماني.
  • النسيج والسدو: حيث تقوم النساء في بعض المناطق بنسج الأقمشة الصوفية باستخدام أدوات تقليدية. كما تستخدم في صناعة الخيام أو الملابس الشتوية.
  • صناعة السعفيات: وتتمثل في استخدام سعف النخيل لصناعة السلال، والمكانس، والقبعات، والحصير، وغيرها من الأدوات التي تخدم الحياة اليومية.
  • النقش على الجبس وصناعة الجلود والخوصيات والدلال النحاسية. جميعها تمثل تنوعًا وغنى في الموروث الحرفي العماني.

جهود رسمية للحفاظ على الحرف

في السنوات الأخيرة، أولت الحكومة العمانية اهتمامًا كبيرًا بحماية هذا التراث الغني، من خلال إنشاء مراكز تدريبية للحرفيين. وتنظيم معارض محلية ودولية، ودعم المشاريع الصغيرة المتعلقة بالحرف اليدوية. كما تم تسجيل بعض الحرف ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي، وهي خطوة مهمة لحماية هذه المهارات من الاندثار.

ولا يمكن الحديث عن الحرف التقليدية دون الإشادة بالحرفيين أنفسهم، الذين يمثلون كنزًا بشريًا حيًا، يجسد في مهاراته وخبراته ذاكرة وطنية نابضة. وقد تمكن الكثير من الحرفيين من دمج الحرف التقليدية بالتصميم العصري. مما فتح آفاقًا جديدة للتسويق والابتكار، وأدى إلى خلق فرص عمل في السوق المحلي وحتى العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى