زكي مبارك: فارس الأدب والفكر من المنصورة

أسماء صبحي – في رحاب مدينة المنصورة، التي كانت ولا تزال منارة للعلم والثقافة في مصر. ولد عدد من الرموز الفكرية التي تركت بصمة عميقة في الأدب العربي الحديث. ومن أبرزهم الكاتب والمفكر زكي مبارك الذي يعد أحد أعمدة النهضة الأدبية في مصر خلال القرن العشرين. رغم ما تعرض له من تهميش ومواقف نقدية حادة من خصومه الأدبيين.
بدايات زكي مبارك
ولد زكي في 2 أغسطس 1892 بقرية سنتماي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية (قريبة من المنصورة). ونشأ في أسرة بسيطة تعمل بالزراعة لكنه منذ صغره أبدى نهمًا شديدًا للقراءة واللغة. والتحق بالأزهر الشريف، ثم حصل على ليسانس الآداب من الجامعة المصرية. وكان أول من حصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي منها.
تميز زكي بأسلوبه الجريء والمباشر، وكان لا يخشى الدخول في معارك فكرية مع أعلام عصره. وعلى رأسهم طه حسين الذي خالفه مرارًا في الرؤية والمنهج. كما كتب في الفلسفة والأدب والتصوف وكان من أوائل من دعوا إلى التحرر العقلي وحرية التعبير في الأدب العربي الحديث. ومن أشهر مؤلفاته:
- الأخلاق عند الغزالي.
- النثر الفني في القرن الرابع الهجري.
- العبقرية.
- التصوف: الثورة الروحية في الإسلام.
إسهاماته في الفكر الصوفي
انفرد زكي بكتاباته العميقة في التصوف الإسلامي، وقد أعاد قراءة تراث كبار المتصوفة أمثال الحلاج والغزالي من منظور نقدي عقلاني. كما اعتبر التصوف ثورة روحية تهذب النفس وتسمو بالوجدان. وكتب عنه بأسلوب أدبي راقي أعاد له الاعتبار بعد أن شوهته بعض التفسيرات التقليدية.
ويقول الدكتور صلاح فضل، الناقد والأكاديمي المعروف، إن زكي مبارك كان حالة استثنائية في الفكر العربي. جمع بين عقلية الفقيه وجسارة الفيلسوف. وقد دفع ثمن جرأته الفكريّة باهظًا لكن التاريخ أنصفه لاحقًا.
توفي زكي في ظروف غامضة في باريس عام 1952، بعد حياة حافلة بالعطاء والنقد والمعارك الأدبية. لكن إرثه الأدبي ظل حاضرًا وأصبح يدرس في أقسام اللغة العربية في الجامعات، وتطبع مؤلفاته حتى اليوم.