قبائل و عائلات

الشيخ محمد بن سيف البوسعيدي: رائد الإصلاح والتنمية في الوسطى العمانية

أسماء صبحي – تعد محافظة الوسطى في سلطنة عمان واحدة من أكثر المناطق التي تحمل إرثًا تاريخيًا غنيًا. رغم طبيعتها الصحراوية وبعدها الجغرافي عن مراكز الحكم التقليدية في مسقط وصلالة. ومن بين الشخصيات البارزة التي صنعت الفارق في هذه البيئة القاسية يبرز الشيخ محمد بن سيف البوسعيدي. أحد الرموز الوطنية التي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار وبناء أسس الحكم المحلي وربط المنطقة بالدولة الحديثة.

نشأة الشيخ محمد بن سيف البوسعيدي

ولد الشيخ البوسعيدي في أوائل القرن العشرين في قبيلة الحراسيس وهي إحدى القبائل العريقة في ولاية هيماء. ونشأ في بيئة قبلية تعتمد على الرحل والرعي، وكانت تعاني من عزلة جغرافية ومحدودية في البنية التحتية. ومنذ صغره أظهر نبوغًا في القيادة وحكمة في التعامل مع النزاعات. مما أكسبه احترام كبار القبائل في سن مبكرة.

في فترة كانت فيها المنازعات القبلية تمثل تحديًا للاستقرار في الوسطى. برز الشيخ محمد كوسيط سلام يحظى بثقة الجميع. فقد عمل على حل الخلافات بين القبائل المتجاورة مستخدمًا فقه الشريعة، والعرف المحلي، ومكانته القبلية. ومهدت هذه الجهود لاحقًا لاندماج الوسطى ضمن منظومة الدولة المركزية التي كانت تسعى لبسط نفوذها في الداخل.

حلقة وصل مع السلطان سعيد بن تيمور

كان الشيخ محمد من بين الشخصيات التي تواصلت بشكل مباشر مع السلطان سعيد بن تيمور خاصة في فترات التوتر في الجنوب. وقد أوكلت إليه مهام غير رسمية للتواصل مع القبائل، مما جعله بمثابة سفير شعبي للدولة في أوساط البادية. كما لعب دورًا مهمًا في تهدئة التوترات وإيصال مطالب المنطقة إلى الحكومة المركزية.

رغم الظروف الصعبة، كان الشيخ محمد من الداعمين الكبار للتعليم، خصوصًا تعليم القرآن الكريم والعلوم الدينية. كما شجع على إنشاء الكتاتيب واستقدم معلمين من مناطق أخرى لتعليم أبناء القبائل. مما ساهم في رفع الوعي الديني والثقافي في منطقة نائية تعاني من العزلة.

ويقول المؤرخ العُماني الدكتور سالم بن علي الشكيلي، أستاذ التاريخ في جامعة السلطان قابوس: “لقد لعب الشيخ محمد بن سيف البوسعيدي دورًا محوريًا في بناء الجسور بين الدولة المركزية والقبائل في الوسطى. كما كان من أوائل من دعا إلى ترسيخ مفهوم الدولة الحديثة خارج نطاق المدن الساحلية. إن بصمته واضحة في مرحلة انتقال عمان من الحكم التقليدي إلى الدولة الحديثة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى