كوبري زفتى العلوي.. شاهد على الحداثة والتاريخ في قلب الدلتا
أسماء صبحي – في قلب مدينة زفتى بمحافظة الغربية، يتربع كوبري زفتى العلوي كأحد أقدم وأهم المنشآت الهندسية في منطقة وسط الدلتا. وتم إنشاء الكوبري في عشرينيات القرن الماضي خلال عهد الملك فؤاد الأول. ليكون جسرًا حيويًا يربط بين شرق وغرب المدينة ويمتد فوق فرع دمياط من نهر النيل.
ورغم مرور قرابة قرن من الزمان، لا يزال الكوبري يؤدي دورًا محوريًا في حياة سكان زفتى والمناطق المجاورة. سواء في حركة النقل أو في القيمة الرمزية المرتبطة بذاكرة المدينة الوطنية.
تصميم كوبري زفتى العلوي
صمم الكوبري على الطراز البريطاني القديم باستخدام الحديد المبرشم والأحجار الكلسية في القواعد. وتولت إنشاؤه شركات أجنبية بالتعاون مع مهندسين مصريين في زمن الاحتلال البريطاني. وقد شهد على مدار تاريخه العديد من عمليات الترميم والتدعيم. كان آخرها في السنوات القليلة الماضية ضمن مشروع تطوير البنية التحتية للمحافظة.
ويعد الكوبري واحدًا من أوائل الكباري العلوية في ريف مصر. كما يصنف اليوم ضمن المنشآت ذات الطابع التراثي التي تحتاج إلى صيانة دقيقة للحفاظ على طابعها الأصلي.
ويقول الدكتور محمد البرعي، الباحث في تاريخ الدلتا وهندسة البنية التحتية، إن كوبري زفتى العلوي ليس فقط مَعبرًا مروريًا. بل هو وثيقة حية على مرحلة انتقالية من تاريخ مصر الحديث. حيث التقت الهندسة الأوروبية مع حاجات المجتمع المحلي ليخرج لنا عمل معماري فريد يستحق الحماية والتوثيق.
رمزية وطنية خالدة
شهد الكوبري لحظات فارقة في تاريخ المدينة أبرزها خلال ثورة 1919 عندما أعلنت زفتى “جمهورية مستقلة” لبضعة أيام بقيادة المناضل يوسف الجندي. إذ كان الكوبري أحد أهم نقاط السيطرة والنقل بين القرى المجاورة. ولا تزال هذه الذاكرة حية في وجدان أهالي زفتى حتى أن بعضهم يصف الكوبري بأنه “شاهد صامت على أول جمهورية مصرية حقيقية.
وتعمل محافظة الغربية حاليًا على إدراج الكوبري ضمن خطة الحفاظ على المباني والمنشآت التراثية. مع دراسة لتحويله إلى مزار ثقافي مفتوح من خلال تثبيت لوحات تعريفية تحكي تاريخه. وربما تحويل بعض المناطق المحيطة به إلى ساحات مشاة ومسارح مفتوحة لاحتضان الفعاليات.



