تاريخ ومزارات

قرية الحلاة التراثية في الفجيرة.. عبق الماضي وسحر الجبال

أسماء صبحي – تقع قرية الحلاة في أحضان جبال الفجيرة شرق دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعد من أقدم التجمعات السكنية في الإمارة. كما تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي بين الجبال على مقربة من البحر، ما جعلها نقطة وصل طبيعية بين الساحل والداخل عبر قرون من الزمن. وهذا الموقع جعلها مأهولة بالسكان منذ مئات السنين. حيث توارثتها عائلات وقبائل اعتمدت على الزراعة، وتجارة اللؤلؤ، ورعي المواشي.

وتقدم الحلاة مثالًا حيًا على كيفية تعايش الإنسان الإماراتي مع البيئة القاسية. وتجسد روح الاعتماد على الذات والإبداع في تصميم بيوت متينة تلائم الطبيعة الجبلية والمناخ القاسي.

عمران قرية الحلاة

تتميز القرية بطابعها المعماري الفريد، حيث تشيد البيوت من الحجر الجيري المحلي والطين. وتغطى الأسطح بجذوع النخيل وسعفه وهي مواد متوفرة محليًا. كما بنيت المنازل على مستويات متدرجة تماشياً مع انحدار الجبل، لتشكل مشهدًا بصريًا متماسكًا ومذهلًا.

كما تحتوي القرية على مسجد أثري صغير، يعتقد أنه بني منذ أكثر من 100 عام. إلى جانب بقايا برج مراقبة حجري استخدمه السكان قديمًا لحماية القرية من أي تهديد خارجي.

جهود الترميم وإحياء الذاكرة

في السنوات الأخيرة، تبنت هيئة الفجيرة للآثار مشروعًا لإعادة تأهيل قرية الحلاة. من خلال ترميم البيوت، والممرات، والساحات، بهدف الحفاظ على هويتها الأصيلة. كما تم أيضًا توثيق المباني وتاريخ العائلات التي سكنت القرية كجزء من مشروع وطني لحماية التراث غير المادي في دولة الإمارات.

ويقول الدكتور أحمد السويدي، أستاذ التراث الإماراتي بجامعة الإمارات، إن قرية الحلاة ليست فقط بيوتًا من حجر. بل ذاكرة حية لمجتمع كان يعرف كيف يتأقلم مع الجغرافيا والزمان. كما يعني الحفاظ عليها حفظ جزء من هوية الإمارات الشرقية.

الأنشطة الثقافية والسياحية

تحولت القرية تدريجيًا إلى وجهة سياحية وتراثية يقصدها الزوار من داخل الدولة وخارجها خاصة خلال المواسم الثقافية والمهرجانات التي تقام في إمارة الفجيرة. ويتم تنظيم جولات سياحية بصحبة مرشدين بالإضافة إلى فعاليات تراثية كالحرف اليدوية، الطهي الشعبي، والعروض الفلكلورية التي تعيد الحياة إلى شوارع القرية الحجرية. كما أصبحت قرية الحلاة مثالًا حيًا على نجاح مشاريع السياحة الثقافية التي تجمع بين حفظ التراث وتحفيز التنمية المحلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى