تاريخ ومزارات

الشيخ مصطفى عبده.. شيخ البنائين وراعي العمران في طوخ

أسماء صبحي – ولد الشيخ مصطفى عبده في قرية طوخ بمحافظة القليوبية في بدايات القرن التاسع عشر. وسط بيئة ريفية يغلب عليها الطابع الزراعي والتقليدي. ونشأ في أسرة تمتهن البناء وتعلم صنعة المعمار في سن مبكرة، لكنه لم يكتف بالمهنة بل طور نفسه فنيًا وعلميًا. واطلع على طرق البناء المستحدثة في المدن الكبرى مثل القاهرة وبنها.

من البناء إلى المعمر

ما إن بلغ الشيخ مصطفى الأربعين من عمره، حتى أصبح اسمه معروفًا في أوساط القرى المجاورة. كأحد البنائين المهرة الذين يراعون في عملهم متانة البناء وجمال التصميم. وقد أشرف على بناء عشرات المساجد والزوايا الصغيرة في مركز طوخ والمراكز المجاورة مستعينًا بمزج بين الطراز الفاطمي والعثماني البسيط.

لكنه لم يكن مجرد معمارياً، بل كان يحمل رؤية إصلاحية للعمران. فقد أنشأ أوقافًا صغيرة لخدمة الأرامل وتعليم الأطفال. كما عرف عنه رفضه أخذ أجر من الأسر الفقيرة في البناء، معتبرًا عمله “في سبيل الله”.

امتدت شهرة الشيخ مصطفى إلى الجانب الاجتماعي، حيث كان حكيمًا شعبيًا يستشار في النزاعات العائلية، وغالبًا ما تقبل كلمته كحكم نهائي. كما كان له مجلس أسبوعي في داره بطوخ يجتمع فيه الكبار والشباب لعرض مشاكلهم أو الاستماع لحكمته.

كما تبرع بأرض لبناء مدرسة صغيرة في نهاية القرن. تم تحويلها لاحقًا إلى معهد ديني في خمسينيات القرن العشرين. ولا تزال تعرف باسم “معهد الشيخ مصطفى عبده” في الذاكرة الشعبية.

إرث الشيخ مصطفى عبده

يقول الأستاذ عبد الله سالم، مؤرخ محلي وباحث في تراث طوخ، إن الشيخ عبده يمثل نموذجًا فريدًا في تاريخ طوخ. فقد جمع بين حرفة يدوية ووعي اجتماعي نادر، ولم يترك كتبًا أو خطبًا لكنه ترك أثرًا لا يمحى في ذاكرة الناس والبنيان.

ورغم أن اسمه قد لا يظهر في كتب التاريخ الرسمية، إلا أن أهل طوخ لا يزالون يتداولون قصصه ويعدونه رمزًا للصدق والإخلاص. كما وضع اسمه على أحد شوارع القرية القديمة وتحول بيته القديم إلى مقر لمكتبة أهلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى