أمينة البلوشي: رائدة التعليم النسائي في الخليج من قلب عمان

أسماء صبحي – بين جبال مسقط وسواحل مطرح، ظهرت في أربعينيات القرن الماضي امرأة استثنائية تدعى أمينة البلوشي. تعد من أولى النساء اللاتي كسرن الحواجز التقليدية في سلطنة عمان. وأسسن لمرحلة جديدة من الوعي بدور المرأة في المجتمع الخليجي.
نشأة أمينة البلوشي
ولدت أمينة عام 1929 في مدينة مطرح، لعائلة مهتمة بالعلم. رغم أن المجتمع العماني آنذاك لم يكن يشجع تعليم الفتيات. وتعلمت على يد والدها اللغة العربية والفقه والرياضيات قبل أن تبدأ بمساعدة النساء في الحي في تعلّم القراءة والكتابة. مما أكسبها شهرة مبكرة بين نساء المدينة.
في عام 1952، أنشأت أمينة فصلًا تعليميا للفتيات داخل منزلها علمتهن فيه القرآن والحساب والخياطة. كما كانت تشجع النساء على الخروج من دائرة العمل المنزلي المغلق والمساهمة في المجتمع دون التنازل عن القيم. وقالت في إحدى رسائلها التي عثر عليها لاحقًا: “العلم ليس عيبًا، بل هو سلاح المرأة في وجه الفقر والخوف.”
كفاحها ضد العادات
لم يكن طريقها مفروشًا بالورود، واجهت اعتراضات من رجال القبائل، وهجمات لفظية من بعض المشايخ التقليديين. لكن دعم عدد من المتعلمين في المجتمع المدني ساعدها على الاستمرار. كما كانت تؤمن بأن التغيير لا يأتي بالتصادم بل بالتدرج، فكانت تستخدم الدين والثقافة المحلية لتبرير أهمية تعليم النساء.
وتقول الدكتورة مي السليمانية، الباحثة في تاريخ المرأة الخليجية بجامعة السلطان قابوس، إن أمينة البلوشي تمثل جسرًا بين التقليد والحداثة في المجتمع العماني. كما كانت سيدة واعية بحدود مجتمعها لكنها كانت تدفعها بهدوء نحو النور. وهي من أوائل نساء الخليج اللائي قدن العمل المجتمعي بإرادة ناعمة ولكن ثابتة.
اليوم تكرم أمينة البلوشي في سلطنة عمان كواحدة من الرائدات. وقد سمي أحد مراكز تعليم النساء باسمها في ولاية مطرح. كما أدرج اسمها في “موسوعة النساء العربيات الرائدات” التي أعدتها مؤسسة المرأة العربية في 2017.