تاريخ ومزارات

الكاهنات في مصر القديمة.. بين النفوذ الديني والسلطة الملكية

تميزت الحضارة المصرية القديمة بترابطها الوثيق مع العقيدة الدينية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل شغلت المرأة منصب الكاهنة؟

وفقًا لما ذكره الباحث العراقي خزعل الماجدي في كتابه الديانة المصرية، فقد دخلت النساء مجال خدمة المعابد والكهنوت قبل عصر الدولة الحديثة، حيث وُجدت كاهنات مخصصات لعبادة الإلهتين نيت وحتحور، ومع ذلك، لم يقتصر دور المرأة في المعابد عند هذا الحد، إذ شهدت الأسرة السابعة عشرة ظهور لقب جديد يحمل دلالات كهنوتية وسياسية في آنٍ واحد، وهو “زوجة الإله”.

“زوجة الإله”.. نفوذ ينافس الفرعون

كان لقب “زوجة الإله” مخصصًا للملكات أو الأميرات اللواتي سيصبحن ملكات في المستقبل، وتحديدًا المكرسات لعبادة الإله آمون، وكانت صاحبة هذا اللقب تتمتع بنفوذ واسع، حيث كان يحظر عليها الارتباط برجل، مما جعلها كيانًا دينيًا مستقلًا عن المؤسسة الملكية.

وأشار “الماجدي”، إلى أن زوجة الإله كانت تمتلك ضِياعًا ضخمة، وتشرف على شبكة واسعة من الموظفين، وتحمل ألقابًا رسمية ملكية، وتحيط اسمها بخرطوش فرعوني، وهو ما كان حكرًا على الملوك، كما كانت تحتفظ بأعياد اليوبيل، وتقيم آثارًا باسمها، وتقدم القرابين للآلهة، مما جعلها شخصية محورية في الحياة الدينية والسياسية لمصر القديمة.

المرأة كقائدة دينية عليا

عادةً، كانت رئيسة الكاهنات هي زوجة الكاهن الأكبر، إلا أن بعض النساء ارتبطن مباشرة بالآلهة، واعتبرن زوجات مقدسات لآمون أو غيره من الآلهة، وقد اكتسب هذا الدور أهمية متزايدة في العصور المتأخرة، خاصة عندما تولت الأميرة شبنوپ (Shepenwepe) منصب “الزوجة الإلهية لآمون” خلال عهد والدها الملك أوسركون الثالث من الأسرة الثالثة والعشرين.

الفرعون والكاهنات.. توازن دقيق للسلطة

نظراً لنفوذ هذا المنصب، اعتمد الفراعنة سياسة إسناده إلى إحدى بناتهم، لضمان بقاء ممتلكات وأوقاف المعابد داخل العائلة المالكة، ومنع انتقال سلطاته الهائلة إلى أطراف أخرى، وقد استمر نفوذ الزوجات الإلهيات لأكثر من قرنين، حيث كن يتمتعن بسلطة روحية ودينية مؤثرة، ما جعلهن ركنًا أساسيًا في بنية الحكم الديني والسياسي لمصر القديمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى