“التقويم الهجري”.. كيف أرخ العرب حياتهم قبل مجيء الإسلام؟
أميرة جادو
التقويم الهجري، المعروف أيضًا بـ “التقويم القمري”، يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر، ويتكون من 12 شهرًا قمريًا، ويستخدم بشكل رئيسي من قبل المسلمين لتحديد مواعيد مهمة مثل شهر رمضان، والأشهر الحرم، وكذلك تحديد موسم الحج، والأعياد، كما يعتمد عليه في حساب عدة الطلاق، عدة الحامل، ومواعيد دفع الزكاة، لكن كيف كان العرب يؤرخون حياتهم قبل الإسلام؟
كيف كان العرب يؤرخون قبل الإسلام؟
قبل الإسلام، اعتمد العرب على الأحداث الكبرى التي تركت أثرا واضحًا لتأريخ حياتهم، مثل عام الفيل أو حرب البسوس وغير ذلك من الأيام المشهورة، كان لكل حقبة اسم يميزها بناءً على حدث بارز. كما استمر هذا النمط في بداية ظهور الإسلام، حيث أرخ المسلمون بالبعثة النبوية أو بعام الحزن حتى بعد الهجرة. ظلت الأحداث الكبرى هي المرجع الزمني، حيث ظلوا يطلقون على كل عام اسما لتمييزه.
التحول بعد اتساع الدولة الإسلامية
والجدير بالإشارة أنه مع توسع الدولة الإسلامية وتجاوزها للجانب العربى وامتداد تأثيرها للعالم المحيط. بعد فتح بلاد فارس عام 636 ميلادية وهزيمة الروم في معركة مؤتة، ظهرت الحاجة القوية إلى نظام تقويم موحد يناسب التغيرات الكبرى في الدولة. هذا التحول كان جزءًا من رؤية جديدة للدولة الإسلامية. التي باتت تمتلك القدرة على مجابهة أعظم الإمبراطوريات، مثل الفرس والبيزنطيين. لذا كان لابد من أفكار جديدة تتعلق بالتمكين، ومن هنا جاءت فكرة التقويم الإسلامى.
تأسيس التقويم الهجري
كما جاء التقويم الهجري بمبادرة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تبعًا لقوله تعالى في الآية 36 من سورة التوبة:”إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.
وقد تم اعتماد التقويم الهجري بعد عامين ونصف من خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. وتحديدًا في شهر ربيع الأول من العام 16 هجريًا. وبدأت السنة الهجرية الأولى من 1 المحرم في العام 17 هجريًا.
الهجرة النبوية والتقويم الهجري
والجدير بالذكر أنه بالرغم من اعتماد التقويم الهجري نسبةً لهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن الهجرة لم تكن في بداية شهر محرم. فقد حدثت في 22 ربيع الأول، أي بعد شهرين من بداية العام الهجري. لكن اختيار المحرم كبداية للتقويم جاء باعتباره أول شهر في الدورة القمرية الإسلامية.