«صوت القبائل العربية» تحاور رئيس اتحاد الكتاب العرب ورئيس اتحاد كتاب مصر
مستقبل الإبداع في الوطن العربي

أجرى الحوار: حاتم عبدالهادي السيد
حوار العدد مع رئيس اتحاد الكتاب العرب ورئيس اتحاد كتاب مصر “الدكتور علاء عبدالهادي” المبدع الكبير في «كونية الإبداع ولا مركزية الشعر» ( الجزء الأول )
الدكتور علاء عبد الهادي، شاعر من جيل السبعينيات، وناقد أكاديمي، ومفكّر مصري بارز، دكتوراة الفلسفة في النقد الأدبي من أكاديمية العلوم المجرية، عن رسالته في الأدب المقارن: “تجليات الأداء والعرض في التراث العربي القديم ونظرية النوع”.
له أربعة عشر عملا شعريّا، وعشرة كتب نقدية وفكرية، وعشرة كتب نقدية قام بتحريرها، هذا فضلا عن العديد من الترجمات عن الإنجليزية والمجرية؛ إلى جانب مئات الدراسات والمقالات النقدية، والثقافية، والفكرية، وهو يشغل منصب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ورئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، ورئيس الجمعية المصرية للأدب بالمقارن، ورئيس الجمعية المصرية للشعريات المقارنة، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، وعضو مجلس إدارة نادي القلم الدولي، وعضو لجنة الخمسين لصياغة الدستور، وعضو المجلس الأعلى للصحافة، وعضو لجان تحكيم جوائز الدولة للنيل والتفوق والتشجيعية”، ورئيس مجلس أمناء جائزة أحمد شوقي الدولية للإبداع الشعري، وجائزة فؤاد حداد العربية للشعر العامي.. وغيرها.
حاز على عدة جوائز مصرية وعربية منها: الجائزة الدولية للشاعر المجري (فوشت ميلان) من أكاديمية العلوم المجرية، عام 1999م ، قلادة مهرجان العنقاء الدولي في دورته الثانية عام 2008م ، وجائزة أبو القاسم الشابي الشعرية في عام 2009م.
كما أختير أمينا عاما للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب عام 2019م. ولقد أصدر العديد من الدواوين الشعرية منها: ديوان ” لك صفة الينابيع يكشفك العطش” 1987، “حليب الرماد” 1994،”من حديث الدائرة،”دراما شعرية نثرية”1994،”أسفار من نبوءة الموت المخبّأ 1996، “سيرة الماء” 1998، “الرغام” 200، ديوان”معجم الغين” 2007،”النشيدة 2003، “شجن” 2003، “مهمل تستدلون عليه بظلّ” 2007، ديوان: “إيكاروس: أو في تدبير العتمة.. حكايات شعرية” 2016.
وله العديد من الأعمال النقدية والفكرية بالعربية وبالإنجليزية منها:كتاب”بلاغة اللاوعي الإبداعي”الشعر نموذجا؛”الشعرية المسرحية المعاصرة:حول اتجاهات ما بعد الحداثة في العرض المسرحي”، “تجليات الأداء في التراث المسرحي العربي قبل عام1847م”بالإنجليزية”،”النوع النووي: نحو مدخل توحيدي إلى حقل الشعريات المقارنة”ترجم إلى الفرنسية”،قصيدة النثر والتفات النوع”،”الشعر والأنتروبيا،”دراسة في الفوضى وعمل المصادفة”،”التطهير المسرحي بين النظرية والأثر: قراءة في شعرية بريخت المسرحية “، “قراءات في السرد النسوي”، “العولمة والهوية: صناعات الهوية ونقض فكرة الأصل”،”ثلاث دراسات ميتا- نقدية.. وغيرها.
وترجمت أعماله الشعرية وعدد من أعهماله النقدية إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والإيطالية والتشيكية والمجرية والألمانية والروسية والرومانية والسويحلية وغيرها.

وإلى نص الحوار..
أبدأ بسؤالي عن الوضع العالمي القائم.. كيف ترى تأثيرات جائحة كورونا على الثقافة والإعلام؟ من البدهي –في أثناء أية جائحة إنسانية وما بعدها- أن تظهر أنماط سلوكية جديدة فردية وجماعية لها تقاطعاتها المشتركة والمتشابهة على الرغم من تعدد ثقافات أصحابها وقومياتهم، وذلك على المستويات الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمعرفية، والثقافية، ولهذا أثره الكبير على الرسالة الإعلامية دون شك.
وأظن أنني لا أعدو الحق لو قلت إن جائحة كورونا كانت اختبارًا مريرًا لسياسات العولمة أوضحتْ هشاشة بنياتها، بل إن القرارات التي اتخذتها الدول الكبرى بالإغلاق، والانكفاء على الذات، بعد المضاعفات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تسببت بها الجائحة على مستوى بلدانهم، أصبحت هذه القرارات مؤشرًا له دلالات مهمة لم تزل في حاجة إلى الكثير من الرصد والبحث والدراسة بعد أن ظهر واضحًا للعالم بأسره نقص مناعة النظام العالمي الجديد على المستويات العلمية والاقتصادية والخلقية.
وكان من أهم آثارها هو دعم قوة التكنولوجيا الرقمية وحضورها على المستوى العالمي، وكان من مظاهر ذلك ذيوع التسوق والدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية والخدمات الحكومية الإلكترونية، والعمل من البيت، والبث الشبكي، والتعليم عن بعد، والرعاية الصحية عن بعد…إلخ.
كلّ هذه السلوكيات الجمعية على المستوى الدولي كانت داعمة لسرعة التحول الرقمي في حياتنا اليومية المعيشة، بل إنها جعلت الكثيرين يعيدون التفكير في خياراتهم السابقة المرتبطة بسلوكهم اليومي والمعيش.
وما آثار ذلك؟
نعم، دعونا نعترف بملاحظة مهمة تسهم الآن في تفكيك سلطة الشكل الإعلامي المعتاد المعتمد على النشر الورقي أو البث المرئي والإذاعي، تتلخص هذه الملاحظة في الاتساع الهائل لشعبية الممارسة الإعلامية والأدبية اللصيقة بالنشر الإلكتروني لأفراد محترفين وغير محترفين -في عصر الشبكات- بسبب الزوال التدريجي لاحتكار الإنتاج الإعلامي والثقافي من خاصة ثقافية واعلامية، هذا الزوال الذي يرجع إلى تطور الوسائط البصرية –الهاتف المحمول والحاسوب بخاصة- التي غيرت شروط التبادل الثقافي للسلعة الإعلامية، على نحو خلق شروط مشروعية جديدة، وعمّمها لصالح تواصل إنساني لا يخضع لشروط الإنتاج الإعلامي بمركزياته القديمة، ولا ينتمي إلى الرسالة الإعلامية المعتادة، وإلى تقاليدها النوعية.
وهو تحدّ جديد يواجه الشكل المدرسي للإعلام، وحدوده التقليدية المرتبطة بالشاشة المرئية وبالمذياع وبمركزيات البث والسيطرة على ما يسمى المجال الإعلامي المخصوص الذي كان تحت سيطرة الدول المركزية من قبل.
وقد تسبب هذا التغيير، في ربكة البنيات الإعلامية الرسمية الراهنة، فعلى الرغم من نقص كفاءة هذه السلع الإعلامية والثقافية وضعف مصداقيتها على مستويات الرسالة وصوغها ومصداقيتها من جهة، فإنها نجحت بهذه العيوب كلها في أزاحة عدد كبير من العراقيل التي كانت تمنع منح هذه الكتابات شرعيتها، وتحجبها –بناء على ذلك- عن التداول لصالح محترفين إعلاميين كانوا يتحكمون في السوق الإعلامي، عبر خلق احتياجات خاضعة لشروط سلطة تاريخية وإنتاجية ونوعية وأيديولوجية ما، ولأثر اجتماعي أو طبقي، يملك الرأسمال النوعيّ والأيديولوجي، الرمزيّ، الذي يريد تعميمه، أو تسليعه، من جهة أخرى.
وأحد أهم أسباب هذا هو التطور الهائل للوسيط الجديد –الهاتف المحمول بخاصة- الذي تنقل من خلاله الرسالة، وربما لا أعدو الحق لو قلت إن الوسيط الآن بات جزءا من الرسالة إن لم يكن الرسالة نفسها!