قريش وإعادة بناء الكعبة في الجاهلية حدث غير ملامحها

لم تطرأ تغييرات على الكعبة حتى قامت قريش بإعادة بنائها في العصر الجاهلي، بعد ثلاثين عامًا تقريبًا من عام الفيل، وجاء ذلك عقب حادثة كبيرة أدت إلى تضرر الكعبة، حيث قامت امرأة من قريش بتبخيرها فاشتعلت النيران وأضعفت جدرانها، ثم جاء سيل جارف زاد من تدهورها، مما دفع قريشًا إلى إعادة تشييدها من جديد، وحرصت على استخدام أموال حلال فقط في البناء، إلا أن الموارد لم تكف، فاضطرت إلى استثناء ثلاثة أمتار من جهة الحجر، لتصبح تلك المنطقة المعروفة اليوم بـ”الحِجر” خارج نطاق الكعبة.
حرصت قريش على إدخال تعديلات جوهرية في البناء، فرفعت باب الكعبة ليصبح أعلى من مستوى المطاف، وذلك لضبط الدخول إليها، كما أغلقت الباب الخلفي المقابل له، وأضافت سقفًا لأول مرة، وزودت الكعبة بميزاب لتصريف مياه الأمطار في منطقة الحطيم، ورفعت ارتفاعها إلى 8.64 مترًا بعدما كان 4.32 مترًا، وشهد هذا البناء حضور النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يبلغ من العمر 35 عامًا حينها، وشارك بنفسه في أعمال البناء.
عند لحظة وضع الحجر الأسود في موضعه، اندلع خلاف حاد بين بطون قريش، وكاد الأمر يؤدي إلى حرب بينهم، فتوافقوا على أن يحكم بينهم أول من يمر من الطريق، وكانت المفاجأة أن أول من ظهر هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقدم حلاً حكيمًا حظي بقبول الجميع، حيث وضع الحجر في ثوب وطلب من زعماء القبائل أن يمسكوا جميعًا بأطرافه ويرفعوه معًا، ثم أمسك به بيده الشريفة ووضعه في مكانه، لينهي بذلك الخلاف ويجنب قريش فتنة كبيرة.
قصي بن كلاب ووضع بصمته في تاريخ الكعبة
من الجدير بالذكر أن قصي بن كلاب، أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، كان أول من قام بتسقيف الكعبة، مستخدمًا خشب الدوم وجريد النخيل، وكان ذلك قبل بناء قريش لها بفترة طويلة، لتظل هذه الإضافة إحدى العلامات الفارقة في تاريخ الكعبة.