حرب الفجار ملحمة العرب في الجاهلية التي هزت الجزيرة

شهدت جزيرة العرب واحدة من أعنف الحروب الجاهلية حرب الفجار التي سميت بهذا الاسم بسبب ما صاحبها من سفك دماء بلا هوادة وانتهاك للحرمات فقد وقعت في الأشهر الحرم التي حرم العرب فيها القتال منذ أقدم العصور لكن شدة العداوة جعلتهم يضربون بهذه الأعراف عرض الحائط ودارت رحى الحرب في أربع جولات متفرقة انتهت آخرها قبل بعثة النبي محمد بنحو خمس وعشرين سنة وكان النبي في ذلك الوقت شاهدًا على آخر فصولها
كيف اشتعلت الحرب
بدأت القصة عندما جهز النعمان بن المنذر ملك الحيرة قافلة تجارية تعرف باللطيمة محملة بأثمن البضائع كالعطور والحرير والمسك متجهة إلى سوق عكاظ وفي أحد الأيام وأثناء جلوسه في مجلسه تقدم إليه رجلان كل منهما يحمل سمعة مختلفة الأول البراض بن قيس الكناني رجل متهور اشتهر بطيشه حتى طرده قومه أما الثاني فعروة بن عتبة القيسي الملقب بالرحالة لكثرة أسفاره بين الملوك سأل النعمان من يضمن وصول القافلة إلى عكاظ فقال البراض أنا أحميها من كنانة لكن النعمان أراد من يضمن سلامتها من كل العرب فقال له عروة بسخرية ويحك أكلب خليع يحميها لك أنا أتكفل بها من كل العرب.
ثم أخذ عروة القافلة وسار بها نحو عكاظ لكن البراض لم يتقبل الإهانة فتعقبه حتى وجده غافلًا فباغته وقتله قرب السوق ثم استولى على القافلة وساقها إلى هناك.
اندلاع المعركة
كما كان سوق عكاظ آنذاك مركزًا للتجارة والتقاء القبائل وحين بلغهم خبر مقتل عروة أرسل أحد رجال بني أسد رسالة تحذير إلى كنانة ليخبرهم أن قيس لن تترك دم ابنها هدرا لجأت كنانة إلى مكة لتحتمي بالحرم فتبعتها قيس رغم تحريم القتال فيه فتقرر تأجيل الحرب واتفق الطرفان على أن يكون الموعد في العام المقبل
التقى الجيشان في عكاظ وكان القتال عنيفا واستمر لخمس أو ست سنوات بدأت الغلبة فيها لقيس لكن كنانة طلبت دعم قريش فانقلبت موازين المعركة لصالحها وتواصل القتال حتى خرج شاب قرشي يدعى عروة بن ربيعة وسط الميدان صارخا على ما تقتتلون فأجابوه ماذا تريد قال أريد صلحا فطلبوا منه شروطه فقال ندفع دية قتلاكم وتعفون عن قتلانا فقبلت قيس وأحصوا القتلى فوجدوا أن قتلى قيس يزيدون بعشرين رجلا فدفعت قريش الدية وترك حرب بن أمية ابنه أبا سفيان رهينة لحين إكمال الدفع لتنتهي الحرب وتخمد نيرانها.