“نخن” أقدم المراكز الحضارية التي نشأت على ضفاف النيل
دعاء رحيل
تعد مدينة “نخن” القديمة من أقدم المراكز الحضارية، التي نشأت على ضفاف النيل في عصر ما قبل الأسرات (5300 إلى 3100 ق.م)، بحسب الدكتور أحمد فخري في كتابه مصر الفرعونية.
ويلفت “فخري” إلى أنه في وقت ما من أواخر عصر ما قبل الأسرات، تغلبت الدلتا على الصعيد وكونت مملكة واحدة وأصبح للإله حورس وضعا أهم من الإله ست، واعتبرت منذ ذلك الوقت “نخن” الواقعة شمالي إدفو مركزا لعبادة الإله حورس خلال ذلك العصر.
التسمية
ويوضح “فخري” أن أصل التسمية يعود لعصر ما قبل الأسرات، حين كانت (نخبت)، طائر العقاب، وهي الإلهة الحامية للصعيد، وكانت هي رمز المدينة القديمة، التي سميت “نخن” التي تعني المسورة أو المحوّطة أو المحمية، مرجعا ذلك إلى العثور على بقايا لحصن قديم كان يقع في المدينة، وفي أواخر عصر الأسرات تحولت إلى مركز لعبادة الإله حورس، وأصبح المصريون يسمونها “نخن حورس” أي مسورة حورس، وفي العصر الإغريقي (332 الى 31 ق.م) تحول اسمها إلى ( هيراكنوبوليس ) التي تعني “مدينة الصقر”.
موقع متميز
وبحسب الدكتور محمد جابر في كتابه (جغرافية العمران في مصر القديمة) فإن الاتساع النسبي للوادي في المنطقة الواقعة بين إسنا وإدفو مع وجود الصحاري على الجانبين المكونة من الحجر الرملي (الخراسان النوبي) أثر على طبيعة تلك المنطقة، وأصبحت أولى أقاليم مصر العليا اتساعا، لافتا إلى قيام أقدم مدينتين بالصعيد في تلك المنطقة، وهما نخب ونخن.
عاصمة الصعيد
ويشير “فخري” إلى أنه في نهاية عصر ما قبل الأسرات، تشير بعض الدراسات إلى تشكل بذور توحيد مصر تحت عاصمة واحدة، بالرغم من عدم وجود نص صريح في هذا الشأن في تحديد وتعريف اسم ومكان العاصمة الموحدة، ويوضح فخري أنه حتى تلك الفترة كان يوجد عاصمة بالوجه البحري واسمها (بوتو) وتقع غرب الدلتا وتاجها التاج الأحمر، ومملكة الصعيد وعاصمتها الكاب وتقع تحديدا أما مدينة “نخن القديمة” وكان ملكها يلبس التاج الأبيض، مضيفا أن حدود مملكة الصعيد وصلت إلى الشلال وكانت أكبر مدنها مدينة “نخن” .
لوحة نارمر
وبحسب فخري، فإن أهم اثر عثر عليه بمدينة “نخن” هو لوحة توحيد القطرين أو لوحة الملك نارمر (3200 قزم) والمحفوظة حاليا بالمتحف المصري، التي تصور انتصار نارمر على الشمال وتوحيد البلاد تحت تاج مزدوج، واللوحة مصنوعة من حجر الشيست الأخضر.
كما يلفت إلى العثور على دبوس قتال لنفس الملك وهو يقوم بشق الأرض ضمن احتفال زراعي وربما دل ذلك على شق أول قناة ري في تلك المدينة، ملمحا إلى أن المدينة اشتهرت بالحرف اليدوية وهو ما يفسر وجود أوانٍ خزفية وأدوات زينة مصنوعة من سن الفيل، التي وجدت في بيت الخزانة داخل أسوار الحصن القديم.