تاريخ ومزارات

قصة علي بك الكبير.. بين الانتصارات العظيمة والخيانة القاتلة

أميرة جادو

في مثل هذا اليوم 13 أبريل عام 1772، وقعت واحدة من أكثر اللحظات إثارة في التاريخ المملوكي بمصر عندما هرب علي بك الكبير من القاهرة متجهًا إلى الشام بعد فشل انقلابه على الدولة العثمانية التي كانت مصر حينها إحدى ولاياتها، وكان علي بك يشغل منصب شيخ البلد وهو اللقب الذي يطلق على الحاكم الفعلي للقاهرة في تلك الحقبة.

صراع لا ينتهي

لم تكن مسيرة علي بك الكبير نحو الحكم سهلة أو مستقرة، بل ظل مشتبكًا في صراعات مستمرة مع أمراء المماليك الذين نافسوه على كرسي المشيخة، وبين الهروب والعودة استمرت حياته سلسلة من التحديات السياسية والعسكرية، فلم يتوقف الصراع حتى لحظة وفاته، وكأن القدر قد كتب له حياة من الكر والفر دون استقرار.

كما يذكر المؤرخ ساويرس بن المقفع في كتابه “تاريخ مصر”، فإن طموحات علي بك التوسعية دفعته لإرسال حملات عسكرية بقيادة مملوكه محمد أبو الدهب إلى الحجاز، وبعد تحقيق النصر هناك تحرك أبو الدهب إلى بلاد الشام لنصرة الشيخ ظاهر العمر، وهناك تمكّن من السيطرة على مدن كبرى مثل غزة ونابلس ويافا وصيدا واللد وغيرها، بفضل الدعم الصادق من حليفه ظاهر العمر.

خيانة من أقرب المقربين

لكن ما بدا نصرًا تحول إلى مأساة حين انقلب محمد أبو الدهب على سيده علي بك الكبير، فبدأ يشيع عنه الاتهامات بالكفر والتعاون مع الكفار في إشارة إلى الروس الذين حاولوا دعم علي بك دون جدوى، وقاد أبو الدهب حملة لتحجيم علي بك سياسيًا وعسكريًا، مستغلًا الغضب الداخلي ضده.

المنفى الأخير والعودة الدامية

اضطر علي بك الكبير إلى مغادرة مصر متوجهًا إلى فلسطين حيث استقبله حليفه ظاهر العمر، وأعاد تنظيم قواته التي بلغت سبعة آلاف مقاتل، وجمع ثروته الكبرى أملاً في العودة إلى القاهرة بدعم روسي، لكن المساعدات لم تكن على مستوى الطموحات فقد اقتصرت على ثلاث مدافع وقلة من البنادق والضباط.

النهاية في معركة الصالحية

والجدير بالذكر أن بالرغم من نصيحة ظاهر العمر بالتريث، إلا أن علي بك الكبير أصر على العودة إلى مصر، وفي 26 أبريل 1773 وقعت معركة الصالحية التي واجه فيها جيش محمد أبو الدهب، وانتهت بهزيمته وإصابته بجراح خطيرة، نقل بعدها إلى القاهرة حيث توفي في 8 مايو من نفس العام، لتنتهي واحدة من أكثر القصص غموضًا في تاريخ مصر المملوكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى