هكذا يحتفل السعوديون برمضان.. طقوس متوارثة وأجواء ساحرة

يستقبل السعوديون شهر رمضان بروحانية خاصة تعكس عراقة تقاليدهم وعمق إيمانهم، حيث تتحول مدن المملكة إلى مشهد ساحر يمزج بين عبق التراث ونفحات الإيمان، فتتلألأ الشوارع والبيوت بأنوار الشهر الفضيل، وتتجلى فيه قيم التراحم والتواصل الاجتماعي التي تميز المجتمع السعودي، فالمجالس الرمضانية تجمع الأهل والأصدقاء وسط أجواء تسودها المحبة والمودة، فيما تتزين الأسواق والمحال بعروض خاصة تعكس خصوصية الشهر الكريم، لتظل هذه العادات راسخة في ذاكرة الأجيال مهما تغيرت الأزمنة.
هكذا يحتفل السعوديون برمضان
وفي هذا الصدد، تستعيد أم فيصل نورة الحميدي ذكريات رمضان قبل 40 عامًا، حينما كان الجيران يتشاورون ودياً قبل الإفطار والسحور حول الأطباق التي ستزين موائدهم، فكان الإفطار يبدأ بالتمر والرطب والماء فيما يعرف بـ فك الريق، ثم يتوجه الجميع لصلاة المغرب بصحبة الأطفال، وبعد الصلاة يكون الإفطار مكونًا من أرز باللحم أو مرقوق أو جريش، الذي كان الطبق الرئيسي في ذلك الوقت، ثم تأتي اللقيمات ومشروب التوت وغيرها من الأطعمة والمشروبات التي لا تزال حاضرة حتى اليوم.
أما وجبة السحور فكانت تعتمد على الأرز الذي يطهى بطرق متعددة، حيث يتم تحضيره مع القفر أو القديد أو يضاف إليه القرصان أو الروبيان أو اللحم، وتوضح أم فيصل طريقة إعداد لحم القفرة التي تمر بعدة مراحل، إذ يُقطع اللحم إلى شرائح طويلة ثم يرش بالملح ويُلف بإحكام بقطعة قماش حتى يتخلص من السوائل، وبعد ذلك يعلق على الحبال حتى يجف تمامًا ويصبح جاهزًا للطهو، كما كان الجريش والمراصيع واللبينة من الأطباق المفضلة في السحور، حيث كان اللبن السائل يشرب بكثرة خاصة خلال وجبة السحور، وهو ما يعكس بساطة العيش وقيمة التكاتف الاجتماعي في ذلك الوقت.
وتعبر أم فيصل عن فخرها بوطنها الذي لا يزال يحافظ على هذه العادات الأصيلة التي تربط الماضي بالحاضر، حيث يستمر تقليد توزيع أطباق الإفطار بين الجيران في مشهد يعكس روح العطاء والتراحم، مما يجعل ليالي رمضان في السعودية تجربة استثنائية تحمل عبق التراث وجمال التقاليد القديمة.