فنون و ادب

مظفر النواب.. رحلة شاعر ثائر بين المنافي والقيود

ولد مظفر عبد المجيد النواب في بغداد لعائلة أرستقراطية تهتم بالفنون والموسيقى والأدب، وهو ما شكل بدايات وعيه الشعري منذ الصغر. خلال دراسته في المرحلة الابتدائية، لفتت موهبته الشعرية انتباه معلميه بقدرته الفطرية على نظم الشعر بسلاسة عروضية متميزة، ومع تقدمه في المراحل الدراسية بدأ ينشر قصائده في المجلات الحائطية داخل المدرسة والمنزل ضمن الأنشطة الثقافية.

من هو مظفر النواب

لكن حياة الرفاهية لم تستمر، فقد تعرض والده لهزة مالية قوية أفقدته ثروته، ورغم التحديات تابع مظفر دراسته في كلية الآداب ببغداد. بعد سقوط النظام الملكي عام 1958، بدأ حياته العملية كمفتش فني في وزارة التربية، غير أن التحولات السياسية في العراق سرعان ما قلبت حياته رأسًا على عقب.

في عام 1963، اشتدت الملاحقات السياسية ضد الشيوعيين، فاضطر للهروب عبر البصرة إلى الأهواز، لكنه لم يبتعد كثيرًا قبل أن تعتقله المخابرات الإيرانية وتسلمه إلى السلطات العراقية، ليصدر بحقه حكم بالإعدام. تدخلت عائلته وأقرباؤه لتخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، حيث أودع في سجن نقرة السلمان الصحراوي، ثم نقل إلى سجن الحلة جنوب بغداد.

لم يرضي بالبقاء خلف القضبان، فبادر مع مجموعة من السجناء بحفر نفق سري للخروج من السجن، وتمكن من تنفيذ هروبه الجريء، متواريًا في بغداد لبعض الوقت قبل أن ينتقل إلى الجنوب ليعيش بين الفلاحين في الأهوار لمدة عام كامل. وبعد صدور عفو عام 1969، عاد إلى مهنته في التعليم لبعض الوقت قبل أن يغادر العراق متجهًا إلى بيروت، ومنها إلى دمشق، متنقلًا بين العواصم العربية والأوروبية حتى استقر به المقام أخيرًا في دمشق.

كرس حياته للشعر وللدفاع عن القضايا السياسية التي تلامس وجدانه وضميره، محاربًا بأبياته كل أشكال القهر والاستبداد. وقبل سنوات من معاناته الصحية الحالية، كان قد بدأ مع أحد العلماء الأجانب في تحضير رسالة دكتوراه في علم الباراسيكولوجيا، لكن المرض العضال أقعده، تاركًا خلفه إرثًا شعريًا حافلًا لا يزال صداه يتردد في وجدان محبيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى