تاريخ ومزارات

أبو الحسن سعيد بن مسعدة البصري: رائد النحو البصري ومرجع معاني القرآن

ولد أبو الحسن سعيد بن مسعدة البصري في بلخ، وكان من موالي بني مجاشع بن دارم التميميين. واستقر في البصرة، التي كانت آنذاك منارة للعلم والعلماء في مجالات النحو واللغة. نشأ في بيئة زاخرة بالمعرفة. وتلقى تعليمه على يد نخبة من أعلام النحو مثل سيبويه. الذي كان أكثر من استفاد من علمه، بالإضافة إلى حماد بن الزبرقان وأبي مالك النميري. كما رافق الخليل بن أحمد الفراهيدي واطلع على مؤلفات أعلام آخرين مثل أبي عبيدة معمر بن المثنى والحسن البصري والأعمش.

أبو الحسن سعيد بن مسعدة

برز الأخفش كأحد أعظم نحاة البصرة، وكان معاصراً لسيبويه وأكبر سناً منه. ورغم الخلافات الفكرية بينهما، ظل الأخفش المرجع الأساسي لكتاب سيبويه بعد وفاته. وقد خاض مناظرات شهيرة مع الكسائي في بغداد. حيث طرح عليه مئة مسألة نحوية، فأخطأ الكسائي في إجابات عدة. مما دفعه للاعتراف بفضل الأخفش وطلب التعلم منه، حتى إنه دفع له سبعين ديناراً لقراءة كتاب سيبويه سراً.

تميز الأخفش بميله إلى الفكر القدري دون تطرف، واشتهر بصدقه وأمانته العلمية. فلم يكن يتردد في الاعتراف بعدم معرفته إذا لزم الأمر. كان عالماً متواضعاً، يحترم شيوخه ويحرص على الدقة فيما ينقل.

ترك الأخفش إرثاً علمياً كبيراً في اللغة والنحو والعروض والقوافي. من أهم مؤلفاته “معاني القرآن” الذي يعتبر أبرز أعماله، حيث فسّر فيه معاني القرآن الكريم لغوياً، مستعيناً بالآيات لتفسير بعضها البعض. وناقش القراءات المختلفة من جوانب صرفية ونحوية ودلالية وصوتية، موضحاً أثر اختلافها على المعنى.

مؤلفاته

شملت مؤلفاته أيضاً “الأوسط في النحو” الذي اعتمد فيه على آراء سيبويه، و”المقاييس في النحو” و”كتاب المسائل الكبير” الذي كان إجابة عن أسئلة هشام الضرير النحوي. وقد استفاد منه علماء الكوفة. ومن بينهم الكسائي. كما ألّف “وقف التمام” و”الأصوات” و”صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها” و”القوافي” و”الاشتقاق” و”العروض”، وأضاف البحر المتدارك إلى بحور الشعر العربي.

عرف الأخفش بلقب “الراوية” لاعتماده على السماع في دراساته، واتبع منهج المدرسة البصرية في تفسيره للقرآن الكريم، حيث كان يستشهد بالشعر العربي لتأكيد آرائه، ويشرح المفردات الغريبة تحت كل بيت. استفاد من أقوال العرب في القياسات اللغوية والدراسات الصوتية، وانتهج منهج المعتزلة في تفسيره لمعاني القرآن، مبتعداً عن الأحاديث النبوية بسبب جواز نقلها بالمعنى، وكذلك الأخبار والإسرائيليات.

كما تخرج على يديه عدد كبير من علماء اللغة والنحو، منهم أبو عثمان بكر بن محمد المازني، وأبو عمر صالح بن إسحق الجرمي، وسهل بن محمد السجستاني، والعباس بن فرج الرياشي، وغيرهم، حتى تأثر به شيوخ مدرسة الكوفة وعلى رأسهم الكسائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى