حكاية معبد الرأس السوداء: أسرار معبد روماني خفي في قلب الإسكندرية
تحتفظ الإسكندرية بكنوز أثرية تروي فصولاً من تاريخها العريق، ومن بين هذه الكنوز يقف معبد الرأس السوداء شاهدًا على حقب اليونان والرومان. في تلك العصور، تألقت الإسكندرية بطابع مميز، وما زالت آثارها تحكي قصص الحضارات التي مرت بها.
حكاية معبد الرأس السوداء
>>>>شيد المعبد على الطراز الروماني بتفاصيل معمارية فريدة، ويعود الفضل في بنائه إلى رجل يُدعى إيزيدوروس، الذي نجا من حادث سقوط عنيف من عربته أدى إلى كسر ساقيه. هذا الحدث كان نقطة تحول في حياته، حيث نسب نجاته للآلهة إيزيس، فقرر تكريمها ببناء معبد خاص تعبيرًا عن امتنانه العميق.
في البداية، كان المعبد قائمًا في موقعه الأصلي بمنطقة الرأس السوداء في سيدي بشر. ومنها استمد اسمه. لكن مع مرور الزمن وتعرضه لعوامل التعرية وتأثير المياه الجوفية، تقرر نقله في عام 1993 إلى منطقة باب شرقي للحفاظ عليه من التدهور.
يتألف المعبد من طابقين، حيث كان الطابق السفلي مخصصًا للعبادة وإقامة الطقوس الدينية. بينما استخدم الطابق العلوي لسكن الكهنة المسؤولين عن خدمة المعبد. كما يبدأ الدخول عبر سلم عريض يقود إلى غرفة مستطيلة تضم أربعة أعمدة من الرخام الأبيض، يتوسطها قائم رخامي منقوش عليه قصة بناء المعبد. ويظهر فيه رسم لقدم نذرية بنعل رخامي أبيض. يرمز لامتنان إيزيدوروس لشفائه.
خلف هذه الغرفة توجد حجرة رئيسية تضم خمسة تماثيل بارزة: تمثال للإلهة إيزيس وهي واقفة على تمساح. وشكلان للإله أوزيريس كانوب، وتمثال للإله هرمانوبيس، وتمثال آخر للإله حربوقراط. أمام هذه التماثيل، وضع مذبح صغير، بالإضافة إلى تمثالين لأبي الهول كرمز للحماية الروحية للمعبد.
وفي هذا الصدد نوه المهندس محمد مدحت، الخبير الأثري، أن معبد الرأس السوداء لم يحظ بالاهتمام الكافي رغم أهميته التاريخية. وأكد أن الكثيرين من سكان الإسكندرية يجهلون تفاصيل هذا المعبد الفريد. ويعتقدون أن التماثيل الموجودة في منطقة الشلالات بباب شرقي هي مجرد قطع أثرية دون معرفة قصتها الحقيقية.
وأوضح مدحت أن معبد الرأس السوداء ليس مجرد بناء روماني قديم، بل هو تعبير عن امتنان شخصي وتجسيد للطقوس الدينية القديمة، حيث اختلطت الأسطورة بالتاريخ لتخلق معلمًا أثريًا يستحق المزيد من الاهتمام والدراسة.
