قلعة الكرك: قلعة الصمود في قلب الأردن
أسماء صبحي
تقع قلعة الكرك في مدينة الكرك جنوبي الأردن. وهي واحدة من أروع القلاع التاريخية في منطقة الشرق الأوسط. وتعد القلعة من المعالم السياحية المميزة التي تشهد على حضارة قديمة. حيث كانت في العصور الوسطى مركزًا استراتيجيًا مهمًا في الحروب الصليبية ومن ثم في فترة الخلافة الإسلامية. وبنيت على تلة مرتفعة تطل على سهل الكرك، مما جعلها حصنًا دفاعيًا قويًا ضد الغزاة.
تاريخ قلعة الكرك
تم بناء القلعة في القرن الثاني عشر الميلادي، في عهد الإمبراطورية الصليبية. وكان الهدف الأساسي من بناء القلعة هو تأمين المنطقة وحمايتها من الهجمات. وفي البداية كانت القلعة تحت حكم الصليبيين، حيث أصبحت مقرًا للحاكم الصليبي راؤول دي شاتيون.
بعد أن تم استعادتها من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي في عام 1189 ميلادي. أصبحت جزءًا من الدولة الإسلامية. كما لعبت القلعة دورًا مهمًا في صد الغزوات الصليبية وكانت نقطة دفاع حاسمة في الحروب بين المسلمين والصليبيين.
ولم تقتصر أهمية قلعة الكرك على تلك الفترات، بل استمرت القلعة في احتلال موقع استراتيجي عبر العصور المختلفة. حيث استخدمها المماليك والعثمانيون في الحروب ضد المماليك والصليبيين. وتظل القلعة رمزًا من رموز القوة العسكرية في تلك الفترات، وواحدة من أكثر القلاع تحصينًا في العالم العربي.
معمار القلعة
تتميز القلعة بتصميمها الفريد والمعقد، فهي تضم مجموعة من الأبراج الدفاعية والأسوار المنيعة التي أُضيفت على مراحل عبر تاريخها الطويل. وكان بناء القلعة يعتمد على أحدث التقنيات العسكرية في ذلك الوقت. مما جعلها أحد أقوى الحصون في العالم الإسلامي.
وتتألف القلعة من مجموعة من الغرف، الأبراج، الساحات، والمتاهات المعقدة من الأنفاق والسراديب التي كانت تستخدم لأغراض عسكرية واستراتيجية. وكانت هذه الأنفاق تستخدم في حركة الجنود أو الهروب من الهجمات، وأيضًا في تأمين إمدادات المياه اللازمة للقلعة. والتي كانت تعتبر من أهم مكونات القوة في الحصون القديمة.
واحدة من أبرز معالم القلعة هي برجها الرئيس، الذي يوفر منظرًا رائعًا للمنطقة المحيطة به. مما كان يساعد الجنود على مراقبة تحركات الأعداء على بعد أميال. كما تحتوي القلعة على العديد من الغرف والمخازن التي كانت تستخدم في الماضي لتخزين الأسلحة والمؤن.
الأهمية الثقافية والسياحية
وتعد القلعة من أهم الوجهات السياحية في الأردن، حيث تساهم في جذب آلاف السياح سنويًا من جميع أنحاء العالم. كما تعتبر مكانًا يعكس التاريخ العسكري والثقافي للمملكة الأردنية. بالإضافة إلى كونها شهادة على تطور الفنون العسكرية والهندسة المعمارية في العصور الوسطى.
ولا تقتصر أهمية القلعة على كونها معلمًا سياحيًا فحسب. بل تعد أيضًا مقصدًا دراسيًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ العسكري والتاريخ الإسلامي. كما تمثل القلعة رمزًا من رموز القوة والمقاومة، إذ كانت مصدر إلهام لمجموعة من القصص والحكايات التاريخية.
وتستقطب القلعة الزوار بفضل جمالها المعماري الفريد الذي يجمع بين الأسلوب العسكري والإسلامي. كما يتم تنظيم جولات سياحية داخل القلعة تتيح للزوار التعرف على تاريخها الطويل والمثير. ومن المعالم المميزة أيضًا داخل القلعة، مسجدها القديم الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم. والذي يتيح للزوار الإحساس بالأصالة التاريخية.
يشير الدكتور سامي الزغبي، أستاذ التاريخ في جامعة عمان، إلى أن قلعة الكرك لا تقتصر على كونها معلمًا سياحيًا فحسب. بل هي شهادة حية على الاستراتيجيات العسكرية والفكر الهندسي المتقدم في العصور الوسطى. كما أن القلعة تمثل تداخلًا عميقًا بين التاريخ والسياسة. فقد كانت محط أنظار العديد من القوى العسكرية والسياسية. وشهدت العديد من الأحداث الحاسمة التي شكلت مصير المنطقة.