المزيدتاريخ ومزارات

مدينة الشيخ عبادة: حكاية تاريخية ممتدة من العصور الفرعونية إلى الإسلامية

تقع مدينة الشيخ عبادة، أو كما عرفت قديمًا باسم “أنتنيو بوليس”، على الضفة الشرقية للنيل، على بعد 8 كيلومترات من مدينة ملوي و46 كيلومترًا من المنيا. هذه المدينة الأثرية العريقة التي بناها الإمبراطور الروماني هادريان على أنقاض المدينة الفرعونية القديمة بيسا، تحمل في طياتها إرثًا تاريخيًا ممتدًا عبر مختلف العصور المصرية.

تاريخ مدينة الشيخ عبادة

وفي هذا السياق قال فرج عبد العزيز الجهمي، مدير مكتب تنشيط السياحة في ملوي، بدأت قصة هذه المدينة خلال زيارة الإمبراطور هادريان لمصر في رحلة نيلية لاستكشاف آثارها. في تلك الرحلة، تنبأ العرافون بوقوع حدث مأساوي يمس الإمبراطور، ونصحوا بضرورة تقديم تضحية لتجنب الخطر. هنا، قام غلام الإمبراطور، ويدعى “أنتنيوي”، بإلقاء نفسه في النيل فداءً له، مما دفع الإمبراطور لتخليد ذكراه.

كما قام هادريان بدفن غلامه في المنطقة، وأمر ببناء قبر عظيم له وزينه بالتماثيل، ثم أصدر مرسومًا بجعل أنتنيوي إلهًا يُعبد. كان المصريون والإغريق يعتقدون أن من يموت غرقًا في النيل يصبح قديسًا، ما زاد من قدسية هذا المكان. ومع الوقت، اجتذبت المدينة وجهاء وأثرياء المنطقة الذين شيدوا بيوتهم بجوار قبر أنتنيوي، لتتحول إلى مدينة جميلة مليئة بالحدائق والشوارع المنظمة والمزينة بالتماثيل.

ازدها المدينة

شهدت المدينة ازدهارًا كبيرًا في عهد الرومان، حيث توسعت وأعيد تنظيمها على طراز المدن الرومانية العظيمة، كما جلب هادريان السكان إليها. وتضم الشيخ عبادة اليوم مجموعة من الآثار التي تعكس هذا التنوع التاريخي، بما في ذلك معابد فرعونية، مثل معبد رمسيس الثاني ومعبد آخر مستوحى من طراز معبد الأقصر، إلى جانب آثار قبطية ورومانية وإسلامية.

كما عرفت المدينة بأسماء متعددة على مر العصور، من بينها اسم طبيب رمسيس الثاني وغلام هادريان، وصولًا إلى “حفن”. كما اشتهرت المدينة بأنها موطن السيدة ماريا القبطية، زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كان والدها شمعون أحد وجهاء القبط، وقد أهداها المقوقس حاكم مصر، هي وأختها سيرين، إلى النبي ردًا على رسالته التي دعاه فيها للإسلام.

استقبل المقوقس رسول النبي، حاطب بن أبي بلتعة، بحفاوة، ورد على الرسالة قائلاً: “لقد أكرمت رسولك وقرأت كتابكم وفهمت ما ذكرت وما تدعو إليه”. وأرفق مع جواريه هدايا أخرى شملت ألف مثقال من الذهب وأثوابًا فاخرة وعسلًا ودوابًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى