احتفالات رأس السنة وشجرة الحياة: جذور فرعونية وعادات ممتدة عبر الزمن
احتفل المصريون القدماء برأس السنة المصرية القديمة بطقوس غنية ومتأصلة امتدت آثارها حتى يومنا هذا، حيث ينتظر الملايين حول العالم ميلاد العام الجديد. أطلق الفراعنة على هذه المناسبة اسم “وبت رنبت نفرت”، والتي تعني “السنة الجميلة”، وشهدت الاحتفالات ارتباطًا مميزًا بشجرة الحياة التي ترمز إلى الخير والعطاء.
عيد “إبت” ورأس السنة في طيبة
وفي هذا الصدد ذكر أحمد عامر، الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، كان المصريون يحتفلون برأس السنة منذ أقدم العصور من خلال عيد أطلق عليه “عيد إبت”. حيث كان الاحتفال يبلغ ذروته في مدينة طيبة خلال الشهر الثاني من فيضان النيل. كما كانت الاستعدادات تبدأ بتحضير موكب كبير للإله آمون، حيث يخرج من معبد الكرنك متجهًا نحو معبد الأقصر في أجواء مليئة بالهيبة والفرح.
تزينت السفن المقدسة التي تحمل الإله آمون وابنه خنسو وزوجته موت، والتي أطلق عليها “ثالوث طيبة المقدس”، بزخارف رائعة على شكل طاووس. ثم تحملها الكهنة على أكتافهم وصولًا إلى مياه النيل. حيث تبدأ طقوس الاحتفال بتقديم القرابين وسط أجواء تعكس قدسية المناسبة.
مظاهر الفرح والاحتفال
كما أوضح أحمد عامر أن المصريين القدماء كانوا يتركون أعمالهم للاحتفال برأس السنة، مصطحبين عائلاتهم في قوارب نيلية مبهجة، حاملين أدوات موسيقية مثل الصاجات، ومرددين الأغاني مع الرقص احتفالًا بالعام الجديد. كما كانت هذه الأجواء تعبر عن ارتباطهم بالفرح والتجديد، مما جعل عيد “إبت” أحد أبرز المناسبات في مصر القديمة.
شجرة الحياة وأصول الكريسماس
كما يرى الخبير الأثري أن فكرة شجرة الكريسماس تعود في جذورها إلى احتفال المصريين القدماء بـ”قيامة أوزوريس”، حيث زرع الكهنة شجرة كبيرة في الميادين. كما أطلقوا عليها “شجرة الحياة”، في إشارة إلى استمرار حياة أحبائهم في العالم الآخر. ومع مرور الزمن، تغيرت الأسماء والرموز، لتصبح شجرة الكريسماس رمزًا عالميًا للخير والعطاء.
اختار المصريون القدماء الأشجار التي تحتفظ بخضرتها طوال العام مثل السرو والصنوبر لتجسيد هذا الرمز، وهو ما انتقل تدريجيًا من الشرق إلى الغرب، حيث استمر الاحتفال بفكرة شجرة الحياة كجزء من تقاليد رأس السنة.
إرث متجدد عبر العصور
كما أن احتفالات رأس السنة عند المصريين القدماء لم تكن مجرد طقوس عابرة، بل كانت تعبر عن ارتباط عميق بالفرح والأمل في بداية جديدة. هذا الإرث، الذي استلهم منه العالم رموزًا مثل شجرة الكريسماس، يعكس عمق الحضارة المصرية وتأثيرها الذي تجاوز حدود الزمن ليصل إلى ثقافات متعددة حول العالم.