قبيلة بني صخر: تاريخ عريق وأصول متعددة بين الجزيرة والشام

تتعدد أسماء القبائل العربية التي تطلق على أكثر من جذم أو فرع، ومن الأمثلة البارزة على ذلك اسم “أسد”، الذي يستخدم للإشارة إلى قبائل مختلفة النسب. فهو يطلق على قبيلة أسد بن خزيمة التي كانت تسكن نجد، محاذية لقبائل طيء من الجنوب وغطفان من الشرق، كما يشير إلى جذم كبير من ربيعة، أسد بن ربيعة بن نزار، فضلاً عن فروع قبائل أخرى تحمل الاسم ذاته.
تاريخ قبيلة بني صخر
هذا التنوع في الأسماء كثيرًا ما يؤدي إلى خلط الأنساب، حيث تنسب فروع قبائل إلى غير أصلها بسبب التشابه في الأسماء. وقد أشار الهمداني في كتابه “صفة جزيرة العرب” إلى هذه الظاهرة، موضحًا أن بعض البطون تحمل أسماء قبائل مشهورة، فتنتسب إليها خطأً، وهو ما تكرر في العديد من الحالات.
عند تتبع حركة القبائل في الجزيرة العربية، نلاحظ أن الهجرات كانت غالبًا باتجاه واحد، من الجنوب الغربي نحو الشمال، أو من الغرب إلى الشرق. ونادرًا ما نجد قبيلة بأكملها أو فروعًا منها تتجه عكس هذا الاتجاه. الاستثناء الوحيد يكون على مستوى الأفراد الذين قد ينتقلون إلى مناطق بعيدة، كما في حالات أنمار وأكلب وعنز.
من هذا المنطلق، يظهر الخطأ الواضح في نسب بني صخر، الذين تنتمي إليهم أسر معروفة في نجد وشمال الحجاز، إلى قبيلة جذام القحطانية التي كانت تسكن الشام. المصادر التاريخية لم تذكر انتقال فروع من جذام إلى نجد، وهو ما يؤكد أن هذا الربط غير دقيق.
أصل بني صخر
أصل هذا الخطأ يعود إلى ما نقل عن الحمداني، الذي ذكر أن بني صخر هم بطن من جذام القحطانية، يقطنون بلاد الكرك في الشام، وينقسمون إلى الدعجيين والعطويين والصوتيين، وكانوا أحلافًا لآل فضل من عرب الشام. كما أشار إلى وجود جماعات منهم في مصر.
ما ذكره الحمداني اعتمد عليه كل من ابن فضل الله العمري في كتاب “مسالك الأبصار”، والقلقشندي في “نهاية الأرب”، والسويدي في “سبائك الذهب”. إلا أن الحمداني لم يكن متخصصًا في أنساب سكان الجزيرة العربية، بل كان يعمل مديرًا للضيافة لدى أحد سلاطين مصر في عهد المماليك، ما جعله يسجل المعلومات بشكل سريع وغير دقيق.
ربما يعود الخلط إلى أن بني صخر الطائيين كانوا يسكنون مناطق شمال الحجاز والشام التي كانت تعتبر قديمًا من بلاد جذام. كما يحتمل أن اسم صخر كان يطلق على فروع مختلفة، منها بني صخر من نهد من مذحج، الذين كانوا يسكنون جنوب الجزيرة قرب وادي تثليث، وأيضًا بني صخر من الأوس من الأنصار.
أما بني صخر الطائيون فهم الأشهر بين من حملوا هذا الاسم. كانوا يعيشون مع قبيلتهم طيء في بلاد الجبلين (أجا وسلمى) قبل الإسلام، ثم توسعوا شمالًا في مناطق تمتد بين تيماء وخيبر وبلاد الشام. الهمداني ذكر في “صفة جزيرة العرب” أن بني صخر من طيء كانوا يسكنون المناطق الممتدة بين الحجر وتيماء في الدهناء.