“الأكراد في سوريا” تاريخ وهوية في خضم التحديات
كتبت شيماء طه
الأكراد هم إحدى أكبر القوميات في سوريا، حيث يشكلون جزءًا من نسيجها الاجتماعي المتنوع. يتواجد الأكراد بشكل رئيسي في شمال وشمال شرق سوريا، ويعيشون في مناطق مثل القامشلي، الحسكة، وعفرين، بالإضافة إلى وجود تجمعات في مدن مثل دمشق وحلب.
تاريخهم وأصلهم
يعود وجود الأكراد في سوريا إلى العصور القديمة، إذ يشير المؤرخون إلى أنهم من السكان الأصليين لجبال زاغروس ومحيطها، ويمتد تواجدهم عبر تركيا، العراق، إيران، وسوريا.
وقد شهد القرن العشرين بداية تبلور الوعي القومي الكردي في سوريا، حيث بدأ الأكراد يطالبون بحقوقهم الثقافية والسياسية وسط تحديات كبيرة.
الواقع السياسي والحقوقي
لطالما عانى الأكراد في سوريا من التهميش السياسي والاجتماعي. في الستينيات، أطلقت الحكومة السورية حملة “الإحصاء الاستثنائي” في الحسكة، ما أدى إلى تجريد آلاف الأكراد من الجنسية السورية، وصُنّفوا كـ”أجانب”. هذا الوضع أثر على حقهم في التعليم، العمل، والتنقل.
مع إندلاع الثورة السورية في عام 2011، بدأ الأكراد بلعب دور متزايد الأهمية في المشهد السياسي والعسكري. أنشأت الأحزاب الكردية، بقيادة “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، والتي تدير مناطق ذات غالبية كردية تعرف باسم “روج آفا”.
الأكراد والحرب السورية
لعبت القوات الكردية، المتمثلة بوحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، دورًا بارزًا في محاربة تنظيم داعش. بدعم من التحالف الدولي، تمكن الأكراد من السيطرة على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا.
ومع ذلك، أدى ذلك إلى توترات مع تركيا التي تعتبر هذه القوات امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل أنقرة.
التحديات الراهنة
يواجه الأكراد في سوريا تحديات عديدة، منها:
“التوترات مع تركيا”
شنت تركيا عدة عمليات عسكرية في الشمال السوري، مثل عملية “نبع السلام” في 2019، بهدف طرد القوات الكردية من المناطق الحدودية.
“التوترات مع النظام السوري”
رغم بعض المفاوضات، لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل بين الإدارة الذاتية والنظام السوري بشأن مستقبل المناطق الكردية.
“الوضع الإنساني” يعاني سكان المناطق الكردية من نقص في الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تداعيات النزوح والحصار الاقتصادي.
هويتهم الثقافية
على الرغم من التحديات، حافظ الأكراد في سوريا على هويتهم الثقافية من خلال اللغة الكردية، الفولكلور، والمناسبات القومية مثل عيد “نوروز”.
ومع ذلك، فإن العديد من الأكراد يواجهون قيودًا على ممارسة حقوقهم الثقافية، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
تطلعاتهم ومستقبلهم
يتطلع الأكراد في سوريا إلى حل عادل لقضيتهم ضمن إطار دولة سورية موحدة، مع ضمان حقوقهم الثقافية والسياسية.
كما يسعون لتعزيز دورهم في بناء سوريا المستقبلية، بعيدًا عن التهميش والصراعات.