المزيد

الستائر القماشية بشوارع السوق بالقاهرة المعزية.

 

من المعالجات الهامة الملائمة للواقع البيئي لأسواق القاهرة الستائر القماشية والتي تعرف حالياً بالتندات ، وقد لجأ إليها أصحاب الحوانيت التي تقع في الشوارع الأكثر عرضة لأشعة الشمس، كما استخدمت في الساحات المكشوفة وأعلى أبواب المحلات التجارية والمصاطب لتوفير وقاية مناسبة من أشعة الشمس الشديدة في صيف القاهرة .

وأعطانا المؤرخ المقريزي وصفاً دقيقاً للأسلوب الذي أتبع في استخدام الستائر القماشية عندما حدثنا عن سوق القفيصات والذي كان مُعداً لجلوس البائعين على مقاعد أو دكك تجاه قبة المنصور قلاوون فيذكر :” وفوق الدكك وضعت أقفاص صغيرة من الحديد – وربما لذلك عُرف بهذا الاسم،- وكانت تعرض عليها إكسسوارات النساء من خواتم وأساور وخلاخيل، وغُطي هذا السوق بخيمة من القماش عملها الأمير جمال الدين آقوش نائب الكرك سنة 726هـ / 1325م من ماله الخاص، وكان طولها مائة ذراع امتدت من أول جدار القبة المنصورية بحذاء المدرسة الناصرية إلى آخر حد المدرسة المنصورية بجوار الصاغة فصارت فوق مقاعد الأقفاص تظلهم من حر الشمس ، وعمل لها حبالاً تمد بها عند الحر وتجمع بها إذا أمتد الظل وجعلها مرتفعة في الجو حتى ينحرف الهواء.

ورصد الرحالة الأجانب هذه الخاصية التي تميزت بها أسواق القاهرة ، فيذكر “جان بالرن”  الذي زار القاهرة سنة 1581م أن التجار حرصوا على تغطية الأسواق والمحلات بسبب حرارة الجو خاصة في فصل الصيف، ويذكر الأمير رُدولف في رحلته إلى الشرق أن شوارع القاهرة كانت في كثير من مواضعها مسقوفة بالحصر أو السجاد لحجب الشمس، وذكر جاستون فيت أن الحُصر مدت من سطح إلى سطح بشوارع القاهرة وألقت ظلاً جميلاً على المارة.

ورصدتها أيضاً ريشة فناني الحملة الفرنسية، فقد جمع لنا “روبرت هاي” مجموعة من اللوحات لشوارع القاهرة وقد عُلقت بجزء منها ستارة من القماش، فهناك لوحة لشارع باب البحر من شوارع القاهرة ويظهر بها مسجد البراماوية، ويتضح استخدام الستائر القماشية كوسيلة للتغطية للوقاية من أشعة الشمس والأمطار، ولوحة لجزء من شارع المعز والمعروف بسوق النحاسين ويتضح تعليق الستائر القماشية للوقاية من حرارة الشمس وأمطار الشتاء، ولوحة أخرى تمثل جزءاً آخر من شارع المعز في الجزء المعروف ببين القصرين ويتضح وجود ستارة من القماش أمام سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا .

كما سجل ديفيد روبرتز جانب من سوق النحاسين فيما بين قبة الصالح نجم الدين ومدرسة قلاوون نلاحظ وجود رفارف خشبية تعلو دكك البائعين والتي تمتد خارج الحوانيت لعرض البضائع عليها، وتوجد لوحة لشارع المعز رسمها باسكال كوست ويتضح بها واجهة مدرسة السلطان قلاوون يتقدمها دكك لعرض البضائع يعلوها سقيفة أو تنده خشبية لوقاية السلع من حرارة الشمس والمطر.

ويُذكر أن هذه الدكك والمقاعد المستخدمة في عرض السلع كانت ترتفع بمقدار متر تقريباً ، وكان المحتسب يراعى نظافتها ونظامها حتى لا تعوق حركة السير في الشوارع الموضوعة بها.

ولنفس السوق توجد لوحة رسمها الفنان ليبي وهي محفوظة ضمن مجموعة لوحات بالمركز الثقافي المجري ببودابست ويرجع تاريخ رسمها لسنة 1856م ، ويتضح من خلال اللوحة الستارة القماش التي تمتد بين جانبي الشارع ويستظل بظلها الباعة ، كما يلاحظ وجود رفارف خشبية تعلو أبواب حوانيت البائعين لحماية البضائع، وهناك لوحة رسمها فناني الحملة الفرنسية لمنطقة السكرية أمام جامـع المؤيد شيخ ويظهر بها تعليق ستارة مـن القماش تتقدم إحدى الحوانيت أسفل الجامع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى