محاكمة زعماء الثورة العرابية.. هكذا تخلص الاحتلال من عرابي وأصحابه
أميرة جادو
يصادف اليوم ذكرى بدء محاكمة الزعيم “أحمد عرابى” وأصحابه الذين تحدوا الخديوي وقوات الاحتلال الإنجليزي، فمنذ أن اندلعت الثورة العرابية مرت بمنعطفات وتحولات وتقلبات كثيرة على مدي ثلاث سنوات امتدت من عام 1879 إلى عام 1882، وكانت أولى مقدماتها في شهر فبراير من عام 1881 إثر سجن أحمد عرابي وصحبه بسبب مطالبتهم بإصلاحات في الجيش وعلى رأسها عزل وزير الحربية عثمان رفقى، وعلا شأن “عرابي” كزعيم وطنى يتحدث باسم الشعب مطالبا بالحرية.
اندلاع الثورة العربية
والجدير بالإشارة أن “الثورة العربية” بدأت في 9 سبتمبر عام1881 وقادها الجيش ودعمها الشعب، وأعلن أحمد عرابي مطالب الشعب والجيش للخديوي توفيق. منها تشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبى وعزل وزارة رياض باشا رئيس الوزراء، الذي أساء معاملة المصريين فقال الخديوي: “هذه الطلبات لا حق لكم فيها وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائى وأجدادى.. وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا”.. فرد “عرابي” قائلا: “لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا ولن نورث أو نستعبدبعد اليوم”.
موافقة الخديوي على مطالب عرابي
وفي هذا الإطار، يقول الباحث التاريخي “عمرو منير”، أن الخديوي توفيق قد وافق على مطالب الأمة وقام بعزل رياض باشا، وكلف شريف باشا بالوزارة وجاء محمود سامى البارودى وزيرا للحربية. وقام بوضع دستور للبلاد ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب. ثم تتابعت الأحداث سريعا وتكرر تدخل بريطانيا في الشأن المصرى. واستقال “شريف باشا”. كما تم أعلن الدستور في 7 فبراير 1882 ثم وقعت مذبحة الإسكندرية. ومن بعدها معركة كفر الدوار ثم مذبحة القصاصين إلى أن كانت النهاية بهزيمة عرابي المنكرة في التل الكبير في 13 سبتمبرعام 1882 ودخل الإنجليز القاهرة في الرابع عشر من شهر سبتمبر عام 1882 فكانت بداية الاحتلال الذي دام 74 سنة.
وأضاف “منير”، أنه قد تم اعتقال زعماء الثورة العرابية. والعديد من الضباط، وألقوا في السجون رهن التحقيق والمحاكمة، وكثرت السعايات والوشايات. فأخذ المغرضون يشون بخصومهم بتهمة أنهم كانوا من الخارجين على الخديوى. حتى امتلأت السجون بالمتهمين، وبلغ عدد المقبوض عليهم أكثر من 39000 نفس.
القبض على الزعماء السبعة
وأشار “منير”، إلى أن الحكومة يدها على كافة زعماء الثورة، باستثناء السيد عبد الله نديم، فإنه اختفى عن الأنظار ولم تستطع عيون الحكومة أن تعرف مقرَّه. وقبض على كبار الضباط المعروف عنهم التشيع لعرابي أو الذين اشتركوا في حوادث الثورة، وغصَّت السجون بكبار المعتقلين … نذكر منهم: عرابي باشا، ومحمود باشا سامي البارودي، ومحمود فهمي باشا، ويعقوب سامي باشا، وعبد العال حلمي باشا، وعلي فهمي باشا. وطلبة باشا عصمت (السبعة الزعماء)، وحسن باشا الشريعي وزير الأوقاف في وزارتي راغب والبارودي، وعبد الله باشا فكري وزير المعارف في وزارة البارودي، إلخ.
محكمة عسكرية
وأردف “الباحث التاريخي”، أن عرابي وصحبه أمام محكمة عسكرية مصرية بتهمة عصيان الخديوى، واهتم بأمره منذ القبض عليه المستر ولفرد بلنت المستشرق الإنجليزي. الذي ناصره منذ ابتداء الحركة والمشهور بمناصرته لمصر والمصريين. وسعى جهده في إنقاذ عرابي من الإعدام، ولم يكن هذا المسعى من صالح عرابي في شيء. لأن حياته في الواقع لم تكن لها قيمة بعد الهزيمة. وقد اختار له المستر بلنت باتفاقه مع السلطات الإنجليزية اثنين من المحامين الإنجليز. وهما المستر برودلي والمستر نابيه، للدفاع عنه أمام المحكمة العسكرية.
نفي عرابي
وأوضح “منير”، أن رأي الإنجليز استقر على أن يتم محكامة عرابي وأصحابه أمام المحكمة العسكرية بتهمة عصيان الخديوى. واستبعاد تهمة مذبحة الإسكندرية وتهمة إحراقها، وأن يعترفوا بجرمهم، وأن يستبدل الخديوى بحكم الإعدام النفى المؤبد، وذلك في يوم 3 ديسمبر سنة 1882. مشيرًا إلى أنه قبل مجيئ عرابي قد وقَّع على وثيقتين … الأولى يعترف فيها بارتكابه جريمة العصيان، ويتعهد في الثانية بأن لا يبرح الجهة التي تعيِّنها الحكومة الإنجليزية لمنفاه.