تاريخ ومزارات

مدينة أفاميا: جوهرة أثرية خالدة في قلب سوريا

أسماء صبحي تعتبر مدينة أفاميا من أهم المواقع الأثرية في سوريا، حيث تمثل شاهدًا على الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ العصور الهلنستية وحتى العصور الإسلامية. وتقع أفاميا في محافظة حماة بالقرب من نهر العاصي، وكانت من أبرز المدن في العصر السلوقي والروماني. كما تضم المدينة العديد من المعالم الأثرية التي تعكس روعتها الهندسية وأهميتها الاستراتيجية.

تاريخ تأسيس مدينة أفاميا

تأسست أفاميا في القرن الثالث قبل الميلاد على يد الملك سلوقس الأول نيكاتور، الذي أطلق عليها اسم أباما تيمنًا بزوجته. وأصبحت المدينة مركزًا حضاريًا وتجاريًا مهمًا، حيث كانت تقع على طريق التجارة بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين. ومع مرور الوقت، تحولت إلى مركز ثقافي وعسكري بارز في العهدين الروماني والبيزنطي. ومن أبرز المعالم الأثرية في أفاميا:

  • الشارع المستقيم (كاردو ماكسيموس): يعد كاردو ماكسيموس من أبرز المعالم الأثرية في أفاميا. وهو شارع طويل يبلغ طوله حوالي 1.8 كيلومتر، تحيط به أعمدة ضخمة من الرخام المزخرف. كما كان هذا الشارع القلب النابض للمدينة حيث احتوى على الأسواق والمعابد والمباني الإدارية، مما يجعله أحد أجمل الشوارع الأثرية في سوريا.
  • المدرج الروماني: يعد المدرج الروماني في أفاميا من أكبر المسارح في الشرق الأوسط حيث يتسع لأكثر من 20,000 متفرج. وكان يستخدم للعروض المسرحية والمناسبات العامة وهو شاهد على ازدهار الفنون والثقافة في العهد الروماني.
  • الأسوار والأبراج الدفاعية: تمتعت أفاميا بنظام دفاعي قوي، حيث كانت محاطة بأسوار ضخمة مدعومة بأبراج دفاعية. كما لعبت هذه التحصينات دورًا رئيسيًا في حماية المدينة من الغزوات، وخاصة خلال الحروب الرومانية-البارثية.
  • الفسيفساء البيزنطية: تضم أفاميا العديد من اللوحات الفسيفسائية الرائعة التي تعود للعصر البيزنطي. كما تعتبر فسيفساء “انتصار ديونيسوس” من أشهر القطع الأثرية المكتشفة في المدينة، وهي محفوظة حاليًا في متحف حماة الوطني.

أفاميا في العصور الإسلامية

مع دخول الإسلام إلى المنطقة، احتفظت أفاميا بأهميتها حيث أصبحت مركزًا عسكريًا وتجاريًا خلال العهد الأموي والعباسي. ومع مرور الزمن، تراجع دور المدينة نتيجة الزلازل والصراعات السياسية، مما أدى إلى هجرها تدريجيًا.

وتعرضت المدينة خلال السنوات الأخيرة لأضرار جسيمة بسبب النزاع المسلح في سوريا. كما أفادت تقارير دولية عن عمليات نهب وتخريب واسعة النطاق حيث تم استخراج العديد من القطع الأثرية وبيعها في السوق السوداء.

ويعلق المؤرخ السوري سامي مبيض على وضع أفاميا قائلًا، إن التراث الثقافي السوري يواجه تحديات كبيرة في ظل الأوضاع الراهنة. مما يستدعي جهودًا محلية ودولية لحمايته. كما إن أفاميا ليست مجرد موقع أثري، بل هي جزء من الهوية الثقافية السورية التي يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

ورغم التحديات، هناك جهود دولية ومحلية تهدف إلى ترميم مدينة أفاميا وحمايتها من المزيد من الدمار. وتعمل المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا بالتعاون مع منظمات دولية على توثيق الأضرار وإعداد خطط للترميم لضمان الحفاظ على هذا الإرث الثقافي الفريد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى