تاريخ ومزارات

جامع عمر بن الخطاب في درعا: تحفة إسلامية أصيلة عبر العصور

يعد جامع عمر بن الخطاب في البلدة القديمة بمدينة درعا واحدًا من أقدم المساجد الإسلامية التي بقيت قائمة حتى يومنا هذا. وهو شاهد حي على روعة العمارة الإسلامية الأولى. يعود تاريخ بناء المسجد إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب. الذي أمر بتشييده عندما زار المدينة في العام 14 هـ. كما يتميز الجامع بتصميمه الذي يعكس الطابع المعماري لما قبل الإسلام، حيث تم إنشائه على أنقاض معبد وثني ليحاكي المساجد الأولى التي بنيت في عهد الخلفاء الراشدين. مثل مسجد الرسول في المدينة ومسجد عمرو بن العاص في الفسطاط.

تاريخ جامع عمر بن الخطاب

 

كان لبناء المسجد مشاركة مميزة من الصحابة الكرام. حيث أشرف على تنفيذه أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل. مما أضفى عليه طابعًا روحانيًا خاصًا. ولعل أبرز ما يلفت النظر في المسجد مئذنته الشهيرة، التي تعرف بـ”العروس”، والتي أُنشئت عام 102 هـ/720 م. وامتازت بجمالها وارتفاعها الشاهق. ورغم عمليات الترميم الحديثة التي طالت المسجد وغيرت بعض معالمه القديمة. بقيت المئذنة والواجهة القبلية تحافظان على أصالتهما.

المعمار المميز للمسجد

وفي هذا الصدد أكد الدكتور حنا نعوم أستاذ التاريخ بجامعة دمشق، أن الجامع الحالي يتميز بتصميم يجعله نسخة مصغرة من الجامع الأموي بدمشق، ويضم أروقة مزخرفة. وحرمًا واسعًا للصلاة، وصحنًا مكشوفًا. بالإضافة إلى مئذنته الشامخة. عند دخول المسجد من بوابته الشمالية الرئيسية. كما يستقبل الزائر أربعة أروقة محيطة بالصحن. ويعتبر الرواق الجنوبي الأكبر بينها. حيث يحتوي على إيوان الصلاة والمحراب، ممتدًا بشكل يضفي شعورًا بالعظمة والروحانية.

كما يعكس سقف المسجد تقنيات البناء التقليدية في درعا، حيث يستند إلى قناطر حجرية متداخلة تعلوها طبقات متينة من الحجارة الصغيرة الممزوجة بالكلس. يليها تراب مضغوط يعزز قوة البناء. للمسجد ثلاثة أبواب رئيسية، أكبرها الباب الشمالي الذي يفتح على الأروقة الداخلية. بينما يطل البابان الغربي والشرقي على المساحات الخارجية المحيطة.

يمثل جامع عمر بن الخطاب إرثًا إسلاميًا ومعماريًا نادرًا، حيث يجمع بين أصالة التاريخ وجمال العمارة الإسلامية المبكرة، كما يظل محطة رئيسية للزوار والمهتمين بالتاريخ والحضارة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى