البيت الفلسطيني التقليدي: بين البساطة والجمال
البيت الفلسطيني التقليدي يتناسب مع بيئته المحيطة به ويشبه البيت العربي القديم في بلاد الشام. فالبيوت كانت تلبي احتياجات الحياة وتستغل المواد الأولية المتوفرة في البيئة المحيطة.
تفاصيل البيت الفلسطيني
كانت أسقف البيوت تتكون من الأخشاب وأغصان الأشجار، وتغطى بطبقة من الطين المخلوط بالقصب. وكانت أسقف بعض البيوت تشبه عقد من الحجارة الصغيرة المثبتة بالجص على شكل الأسواق القديمة المعروفة بالقيصريات، لأن هذا النمط من البناء يعود إلى العصور الرومانية في زمن القياصرة. وفي بداية القرن التاسع عشر انتشرت ظاهرة البيوت المسقوفة بالقرميد الأحمر المستورد من مرسيليا في فرنسا أو المنتج محلياً.
كانت الدار عادة تأخذ الشكل المستطيل، وتبنى الغرف على جانب واحد منها أو على بعض الجوانب أو على كل الجوانب، وتكون في وسطها ساحة مفتوحة تسمى صحن الدار تستخدم في أغراض مختلفة، مثل زراعة بعض الأزهار والشجيرات لتكون حديقة للدار.
وغالباً ما كانت تفصل بين غرف الدار صالة مفتوحة وبدون حائط من الأمام، وتزينها عقود من الحجر. واسم هذه الصالة “ليوان” وجمعها “لواوين”، وقد تكون كلمتها مشتقة من الإيوان. وكان الليوان يستخدم في الولائم والمناسبات والأفراح.
داخل جدران بعض الغرف كانت توجد نوع من الخزانة بدون أبواب، وتستخدم ستارة من القماش لإخفائها. وكانت يطلق عليها «يوك» وهي كلمة تركية على ما يظهر. وكان «اليوك» يستخدم في حفظ اللُحف والمخدات ومرتبات «فرش» النوم والملايات والأغطية وما شابه.
وكان أثاث البيت بسيطاً جداً. كما يتكون من البسط الصوفية في فصل الشتاء، والبسط القطنية في الصيف، وتم تسميتها بـ قياسات ومفردها قياس. وكذلك كانت تستخدم السجاجيد العجمية وخاصة في بيوت الأغنياء من الناس.
تقسيم البيت
وفي غرف النوم كانت تضع ربة البيت صندوقها الخشبي المزخرف الذي صنع لها بمناسبة زواجها لتضع فيه ملابسها ومجوهراتها وعطورها.
وفي زاوية من زوايا حجرة النوم كان يوضع مقعد خشبي طويل يفتح من أعلاه، ويستخدم في وضع بعض الملابس، وخاصة القديمة. وكان اسمها «كراويت» وهو يعادل «الدوشك» الحالي.
أما غرفة الضيوف، فكانت تفرش أرضيتها بالبسط أو السجاد، وعلى جوانبها كانت توضع حشيات من القطن يجلس عليها. كما توزع عليها مساند محشوة بالقطن اليابس للاتكاء، أو”يساتك” محشوة بالقطن المضغوط أو الملابس القديمة.
وكانت حجرة الجلوس تزين بقطع من السجاد المزينة بزخارف جميلة، أو بآيات قرآنية. وكان من يدخل إلى حجرة الجلوس يخلع حذاءه عند عتبة الحجرة ثم يجلس على حشية من حشيات القطن. وفي فصل الشتاء كان «كانون النار» جزءاً من مكونات حجرة الضيوف. كما كانت سقوف المنزل وبعض جدرانه تزين وتزخرف بالرسوم الجميلة المستوحاة من مصادر شرقية أو عربية أو إسلامية أو غربية. وشملت هذه الرسوم مواضيع عديدة منها: النباتات والأزهار، وسائل النقل الموجودة آنذاك مثل السفن البخارية والقطارات وأهمها القطار الحجازي والعربات، بالإضافة إلى المناظر الطبيعية.
لم يقتصر الزينة بالرسوم على البيت الفلسطيني فقط، بل امتدت هذه الظاهرة إلى منطقة بلاد الشام والعراق فشملت لبنان وسوريا . وكانت بيوت الأثرياء المبنية في تلك الحقبة الممتدة خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تزدان هي الأخرى بالرسوم مع تباين قليل في المواضيع بحيث نشاهد التأثير الأوروبي في بعض بيوت جبل لبنان وبيروت والمناطق الفلسطينية ذات الأغلبية المسيحية مثل الناصرة ورام الله وبيت لحم، بينما غلب الطابع العربي أو الإسلامي التركي وبنوع خاص الكتابات الدينية، في رسوم منازل دمشق وحلب وحماه والموصل وبغداد والقدس وسواها.