فك رموز حجر رشيد: السباق الثقافي بين العرب والغرب لكشف أسرار الحضارة المصرية
شهد فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون عام 1822 لحظة فارقة في علم المصريات. حيث مثل هذا الإنجاز انتصارًا ثقافيًا لفرنسا في تنافسها مع بريطانيا آنذاك. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن العرب كانوا السباقين في الاهتمام بالكتابة المصرية القديمة ومحاولات فهمها منذ قرون.
دور العرب في كشف أسرار الحضارة
وفي هذا الصدد قال الباحث الأثري بجامعة توبنجن الألمانية محمد أبو اليزيد، بدأ اهتمام العرب بالكتابة المصرية القديمة مبكرًا جدًا. حيث وصفوها بأنها “القبطية الأولى” وأدركوا أن اللغة القبطية تطورت منها.
ومن أبرز العلماء العرب الذين ساهموا في هذا المجال “ذو النون المصري” الذي فك بعض الرموز. وأثبت أن الهيروغليفية ليست مجرد صور بل حروف ذات قيمة صوتية.
كذلك قدم العالم “ابن وحشية” قراءة رائدة للعلامات الهيروغليفية في كتابه الشهير “شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام”. وهو الكتاب الذي لاقى اهتمامًا كبيرًا في أوروبا قبل نجاح شامبليون بعقود.
التفوق العربي في دراسة الآثار
يوجد عدد العلماء العرب مثل جابر بن حيان وعبد اللطيف البغدادي قدموا إسهامات كبيرة في دراسة النصوص الأثرية المصرية. حيث وثقوا النصوص والمعالم الأثرية وأعدوا جداول للعلامات الهيروغليفية بعضها كان دقيقًا. ورغم افتقارهم لقطع أثرية مشابهة لحجر رشيد، فإن جهودهم فتحت الطريق أمام الأجانب لفهم الهيروغليفية.
حجر رشيد والصراع الأوروبي
تم اكتشاف حجر رشيد عام 1799 خلال الحملة الفرنسية، وهو حجر يحمل نصًا مكتوبًا بثلاث لغات: الهيروغليفية، والديموطيقية، واليونانية. هذا الاكتشاف أثار سباقًا بين العلماء الأوروبيين لفك رموزه. شامبليون، الذي تعلم اللغة القبطية، نجح في النهاية بفك الشيفرة بفضل الحجر، لكن إنجازاته استندت إلى جهود عربية سابقة ومخطوطات نقلتها الحملة الفرنسية من مصر.
أقدم محاولات غربية
لم يكن شامبليون أول من حاول قراءة الهيروغليفية، حيث سبقته محاولات أوروبية مثل الإيطالي أثاناسيوس كيرشر، الذي توصل إلى أن القبطية هي الامتداد الطبيعي للغة المصرية القديمة، ولكنه أخطأ في قراءة معظم العلامات.
إرث ثقافي خالد
رغم نجاح شامبليون في وضع الأساس الحديث لعلم المصريات، فإن العلماء العرب مثل “ذو النون المصري” و”ابن وحشية” وغيرهم، تركوا بصمة خالدة في هذا المجال. وتبقى حضارة مصر القديمة مصدر إلهام مستمر، حيث تسابقت الأمم على كشف أسرارها، لكن العرب كانوا أول من أدركوا عمقها وأهميتها.