تاريخ ومزارات

القيروان: نقطة توازن الإسلام في شمال إفريقيا

يعود تاريخ القيروان  حين قام القائد العسكري البارز عقبة بن نافع بإنشائها. كان هدفه من هذا البناء تأسيس مدينة يستقر بها المسلمون، محاولاً منعهم من العودة إلى ديانتهم السابقة بعد فتح المنطقة. تعتبر القيروان من بين أقدم وأهم المدن الإسلامية، وهي المدينة الأولى التي أُسست في منطقة المغرب العربي، وتعتبر بناؤها بداية لتاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المنطقة.

تلعب القيروان دورين هامين، حيث كانت مركزًا للجهاد والدعوة في آن واحد. كانت الجيوش تخرج منها للغزو والتوسعات، بينما كان الفقهاء يخرجون لينشروا الإسلام ويعلموا اللغة العربية في البلاد الأخرى. وبفضل تاريخها الزاهر ومعالمها الباقية، تحمل كل شبر من أرض القيروان عبق تاريخ عريق للحضارة الإسلامية.

عاصمة الإسلام

ظلت القيروان عاصمة الإسلام الأولى لإفريقية والأندلس لمدة حوالي أربعة قرون. وكانت مركزا حربيا للجيوش الإسلامية ونقطة ارتكاز رئيسية لإشاعة اللغة العربية. عندما يذكر القيروان، يتذكر القائد العربي العظيم عقبة بن نافع وتاريخه البطولي.

أما بالنسبة لأصل التسمية، فترجع إلى كلمة “کاروان” الفارسية. التي تعني الرتل العسكري أو القافلة، وهي نفسها الكلمة التي أعطت “caravane” الفرنسية.

بعد انتهاء عقبة بن نافع من بناء المدينة، جمع بصحابته وأهل العسكر حول المدينة وألقى دعاء لها. يطلب فيه من الله أن يملأها بالعلم والفقه، ويعمرها بالمطيعين والعابدين. ويجعلها عزا للدين الإسلامي وذلا لمن كفر بالله. وعندما أسس عقبة بن نافع قواعد مدينته الجديدة، لم يكن يعلم ما يخبئه المستقبل لها. ولكنه استراتيجيا اختار موقعها بعناية.

قام بناء القيروان في مكان استراتيجي على مسافة يوم من البحر. الذي كان يسيطر عليه البيزنطيون، وعلى بعد مثل ذلك من الجبال التي كانت معقلا للقبائل البربرية. وبهذا، أصبحت القيروان نقطة رئيسية في خط المواجهة بين المسلمين والبيزنطيين.

وقد انتقلت القيروان لتصبح مركزا للعلم في المغرب الإسلامي، حيث أنشئت مدارس جامعة فيها وجذبت العلماء والفقهاء ورجال الدعوة من جميع أنحاء العالم الإسلامي. وكانت المدينة مفخرة للمغرب ومركزا لانتشار المذهب المالكي وتعليمه. تأثر العلماء بهذا المركز العلمي وأنتجوا العديد من الكتب الفقهية التي أصبحت مرجعًا للمسلمين في المنطقة وخارجها. ومن هناك انتشرت العلوم الإسلامية إلى أرجاء العالم الإسلامي، مساهمة كبيرة في تعميق الفهم الديني والعلمي بين المسلمين.

في الختام، لقد كانت القيروان لا تزال مدينة عريقة بتاريخها العظيم وإرثها العلمي، وتظل حتى اليوم مركزًا هامًا للثقافة والتعليم في تونس والمنطقة المجاورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى