حوارات و تقارير
متحف سجن القلعة بالقاهرة
عبدالرحمن محمود
لا أخفيكم سرا لا أحب السجون ولا أحب الحديث عنها لأن اغلى وأعز شىء يملكه الإنسان بعد العافية والصحة هو الحرية وقد تكون الحرية قبل الصحة
وأقصى عقاب للإنسان أن تسلبه نعمة الحرية التى منحها الله تعالى له والأقصى من السجن أن يكون السجين مظلوما فيقاسى مرارة الظلم ومرارة السجن وكلاهما مر وعلقم
السجون موجودة فى مصر منذ عهد المصريين القدماء وأشهرها سجن يوسف عليه السلام أشهر مظلوم دخل سجون مصر بإرادته حتى لا يعصى الله ” قال ربى السجن أحب الى مما يدعوننى اليه “
أما قلعة الجبل او قلعة صلاح الدين مقر الحكم والسلطان منذ العصر الأيوبى وحتى عصر الخديوى إسماعيل فالسجون فيها كانت قائمة منذ نشأتها حيث استخدمت بعض أبراج القلعة كسجون وخاصة فى القسم الشمالى منها
كما أستخدم بئر يوسف بالقلعة بعد أن فسد ماءه استخدم كسجن وقيل له الجب
وقيل أن جامع الناصر محمد استخدم كسجن فى بعض الفترات
أما سجن القلعة الذى تحول الى متحف فهو يعود الى عصر الخديوى إسماعيل وسجن فيه أرباب الفن والفكر والثقافة والسياسة والدين
سجن فية البرىء والمدان
والكل اسىء إليه من السجان
عبد المأمور الذى أصبح جلادا لا ترحم ضرباته ظهور الضعفاء ومرضهم وبعدهم عن الأهل والولد
كان يكفى أن يعيش الإنسان بعيدا عن أهله سجينا فى غرفة تكاد تختلج فيها ضلوعه وتخرج منها روحه ولكن كفانا شر الإنسان عندما يتحكم فى مصير إنسان مثله فيذيقه صنوف العذاب من جلد وضرب ولكم ناهيك عن إهانة الأباء والأجداد
اللهم نسألك ان تمتعنا بنعمة الحرية ما حيينا وأن تفرج كرب كل سجين مظلوم كيوسف عليه السلام وأن تكون له عونا على أيام السجن الصعبة ولحظاته المريرة
عفوا لقد أسهبت فى الحديث ونسيت متحف سجن القلعة
والآن نعود إليه لنعرف حكايته وقصته
منذ أن انتقل الخديو إسماعيل إلى قصر عابدين، وجعله مقرا للحكم عام 1874، أصدر قراره وقتها بإنشاء سجن القلعة الواقع بين ردم جامع محمد على ليكون سجنا للأجانب، باعتبار سجن القلعة بزنزاناته القليلة وشدة حراساته هو أنسب الأماكن؛ لأداء الغرض.
بعد وفاة الخديو إسماعيل، أصدر الخديو توفيق قرارا بتوسعة طاقة السجن الاستيعابية، وبعد قيام ثورة يوليو أصدر جمال عبد الناصر قرارا جمهوريا بتوسعة سجن القلعة من جديد بعد تسلم البوليس الحربي مفاتيحه حتى قرر محمد حسني مبارك بعد توليه المسؤولية تحويله لمتحف يتبع وزارة الثقافة.
ويعتبر سجن قلعة صلاح الدين في القاهرة أحد أشهر السجون المصرية التي خصصت للقضايا السياسية والتعذيب, ما قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها ويحتوى السجن على 42 زنزانة مقسمة على قطاعين أحدهما شرقى والآخر غربى، إضافة إلى ثماني غرف تعذيب أشهرها غرفة الفرن بالناحية الشرقية منه، وسبب تسميتها بهذا الاسم يرجع لتجهيزها أوائل الستينيات بنظام غازى يجعل جدرانها ساخنة باشتعال مواسير مخصوصة، وفي ذلك الوقت كان يتم إدخال المعتقلين «5 أفراد» وإشعال المواسير ومع الوقت تؤثر حرارة الجدران على أجسادهم في وسيلة؛ لإجبارهم على الاعتراف، أو الإدلاء بأوصاف وأسماء زملائهم.
وفى الناحية الغربية للسجن تقع غرفة التعليق وهى نفسها الغرفة التي تم تعذيب محمد أنور السادات فيها بعد فصله من الجيش المصرى في العصر الملكى بعد اتهامه بمقتل أمين عثمان القضية المعروفة قبل قيام ثورة يوليو 1952، كما توجد غرفة الحلقات والتي صممها الفرنسى لوميان في عهد الملك فؤاد عام 1932 على غرار غرفة شبيهة بسجن الباستيل الفرنسى الشهير المسماة بغرفة نزع الاعتراف وفيها يتم تعليق السجين من قدميه بسقفها مع تدويره بسرعة لدقائق ما يصيب أجهزة جسمه بالاضطراب، وهى نفسها الغرفة التي يقال إن عبد الناصر أعطى أوامره بعدم تعريض الكاتب الراحل مصطفى أمين لها بعد سجنه في قضية التخابر المعروفة بعد قيام ثورة يوليو، وفي الغرفة نفسها – كما يقال – تم تعذيب الشيخ كشك إمام جامع عين الحياة الذي اعتبره الرئيس محمد أنور السادات أحد أشرس المعارضين لسياسته بعد عام 1973.
وصف السجن
يتكون المعتقل من ممر طوله حوالي 50 متر، وعلى كل جانب 21 زنزانة، كل زنزانة بها سريران وشباك علوي صفير حديد بارتفاع 2.5 متر وباب حديد يغلق من الخارج به فتحة قطرها 10 سم، ومطبخ ودورة مياه متسعة، وفي وقتها كان يتواجد في المعتقل ما بين 80:100 معتقل وقد يزداد العدد أو ينقص يوميا.