حوارات و تقارير
هل تكون دونباس آخر حلقة في سلسلة أهداف روسيا؟
دعاء رحيل
كل الأنظار تتجه إلى “معركة دونباس” جنوب شرق أوكرانيا، التي تعدها موسكو “مرحلة رئيسية” من “عملية عسكرية خاصة” بأوكرانيا، تراها الأخيرة وكثير من دول العالم حربا “شاملة” مستمرة منذ 24 فبراير الماضي.
وبعيدا عن الأهداف المعلنة من قبل الكرملين، المتعلقة بـ “تحرير” كامل أراضي منطقتي دونيتسك ولوغانسك بإقليم دونباس لصالح “الجمهوريتين الشعبيتين” فيها، تؤكد الأوساط الأوكرانية وجود أهداف روسية أخرى، وإستراتيجية تتبعها موسكو لتحقيق تلك الأهداف.
وبحسب تلك الأوساط، فإن أهداف روسيا تتجاوز أراضي الإقليم إلى مساحات أبعد بكثير، وجلّها لا يتعلق بـ “حماية أراضي وسكان الجمهوريتين” اللتين اعترفت باستقلالهما موسكو قبيل الحرب، وإستراتيجية معركتها مبنية على هذا الأساس.
تدمير الجيش الأوكراني
الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يرى أن هدف روسيا “تدمير الجيش الأوكراني” في دونباس، لا سيما وأن جله يوجد على جبهات القتال هناك، وجنوده هناك “الأكثر كفاءة” بحسب مستشار الرئيس أوليكسي أريستوفيتش.
وكانت مصادر محلية وروسية قد قدرت أن نصف تعداد جيش أوكرانيا النظامي، البالغ نحو 250 ألفا، انتشر في محيط إقليم دونباس قبل الحرب، عندما كانت معظم التوقعات تشير إلى اشتعال الحرب هناك، وهناك فقط.
تطويق وقطع الإمدادات
وفي هذا الإطار، يرى الخبير العسكري، ميخايلو جيروخوف، أن إستراتيجية روسيا لتحقيق هذا الهدف تكمن في إشعال عدة جبهات واسعة، بغطاء كثيف من القصف قبل محاولات التقدم، استنادا إلى حجم العتاد الذي تتفوق فيه دائما.
ويضيف “ستحاول القوات الروسية التقدم لاحقا لتطويق القوات الأوكرانية في دونباس من جهة الشرق الانفصالي، ومن جهة خاركيف شمالا، وزاباروجيا جنوبا، بالتزامن مع قصف كل نقاط وخطوط الإمداد القادمة من جهة الغرب، حتى وإن كانت في أقصاه”.
الأرض وإن خلت
وفي سياق متصل بعمليات القصف، يرى خبراء أوكرانيون أن السيطرة على الأرض أهم لروسيا من السيطرة على المدن بساكنيها وما تحتويه من بنى تحتية.
ونوه الخبير العسكري إن القوات الروسية ستدمر كل مدينة تستعصي عليها، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى و”هذا ما رأيناه في سومي وتشيرنيهيف وبوتشا وإربين وخاركيف وماريوبول”.
ويعد أن “أولوية روسيا هي السيطرة على المساحات، وبغض النظر عن تداعيات هذه السيطرة على المدن وساكنيها، حتى وإن كانوا من رعاياها الناطقين بالروسية كما تدعي، وما حدث لمدينة ماريوبول خير دليل”.
ممر بري آمن
والحديث عن المساحات يقود إلى موضوع “الممر البري” نحو شبه جزيرة القرم المحتلة، الذي يتكرر مرارا على ألسنة المسؤولين في كلا البلدين.
بالنسبة للمسؤولين في أوكرانيا، فهذا هدف رئيسي لروسيا من حربها، يفسر حجم اهتمامها بالسيطرة على ماريوبول، وإستراتيجية الاستحواذ على منطقتي زاباروجيا وخيرسون، جزئيا أو كليا، بما يضمن إنشاء هذا الممر، وبقاء القوات الأوكرانية بعيدة عنه.
التمهيد لمراحل لاحقة
وأخيرا، يكاد يجمع الأوكرانيون على أن دونباس ليس آخر حلقة في سلسلة أهداف روسيا، وأن نجاحها فيه سيعني -بالضرورة- انتقال تلك الأهداف إلى مناطق أخرى، من بينها العاصمة كييف مجددا.
يقول الخبير جيروخوف “قدرة أوكرانيا على المقاومة في دونباس هي التي سترسم سيناريوهات استمرار الحرب أو نهايتها لاحقا. كييف والعواصم الغربية تعي هذا جيدا، وهذا يفسر حجم التعاون والمساعدات العسكرية التي تصلنا لإفشال مخططات الكرملين، وزيادة تكلفة حربه”.
نصر ما قبل الأعياد
وفي سياق متصل، أكد أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني أن روسيا ستفعل ما بوسعها لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض قبل عيد الفصح الشرقي (في 24 أبريل الجاري) وعيد النصر على ألمانيا النازية (في 9 مايو القادم).
وقال المستشار “موسكو بحاجة إلى تلك النتائج لتعرضها على الشعب الروسي. وأتوقع في هذا الإطار أن تزيد القوات الروسية ضغطها على 3 مدن: إزيوم في خاركيف شرقا، ماريوبول بإقليم دونباس، وميكولاف في الجنوب”.