معركة المنصورة الجوية.. درس النسور المصرية للإسرائيليين
قصة «53 دقيقة» فى الجو قطعت ذراع إسرائيل الطولى
” 14 أكتوبر 1973″..تاريخ يروي ذكرى ملحمة جوية صنعها أبطال مصر من أبناء القوات الجوية، والذين كانوا على موعد مع الانتصار أو الشهادة في سبيل الله، بقلوب عامرة بالإيمان والتضحية فداءً للوطن.
شهدت مدينة المنصورة، في محافظة الدقهلية، أطول معركة في تاريخ المعارك الجوية العسكرية العالمية، بدأت موقعة المنصورة، حين بادر الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق غارات جوية، تضم 100 طائرة مقاتلة من نوع “إف-4 فانتوم، وايه – 4 سكاى هوك”، لتدمير قواعد الطائرات المصرية بدلتا النيل في عدة مناطق، وهي “المنصورة، وطنطا والصالحية”.
“53 دقيقة”.. تلك الفترة التي استمرت فيها المعركة بين القوات الجوية المصرية والقوات الجوية للاحتلال الإسرائيلي، حيث اشتبكت فيها 180 طائرة مقاتلة في آن واحد معظمها تابع لسلاح الجو الإسرائيلي.
في بيان عسكري رقم 39، أذاعه “راديو القاهرة”، والذي جاء نصه “دارت اليوم عدة معارك جوية بين قواتنا الجوية وطائرات العدو التي حاولت مهاجمة قواتنا ومطاراتنا وكان أعنفها المعركة التي دارت بعد ظهر اليوم فوق شمال الدلتا، وقد دمرت خلالها للعدو 15 طائرة وأصيب لنا 3 طائرات، كما تمكنت وسائل دفاعنا الجوي من إسقاط 29 طائرة للعدو منها طائرتا هليكوبتر، وبذلك يكون إجمالي خسائر العدو من الطائرات في المعارك اليوم 44 طائرة منها طائرتا هليكوبتر”.
أشرس معركة فى التاريخ
في أشرس معركة عرفها تاريخ العسكرية الجوية في العالم، سطرت “موقعة المنصورة” أسماء أبطالها، بمواجهة 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية، لضرب المطارات المصرية، فتصدت لها 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط، ذلك النصر، الذي شتت عقول قادة الاحتلال الإسرائيلي، الذين اعتقدوا أن كثرة طائراتهم ستحقق النصر، إلا أن بسالة القوات الجوية، حطمت آمالهم في أقل من ساعة، حيث تلقى الاحتلال درسا لن ينساه وانتهت المعركة بهزيمته وفرار طياريه بعد سقوط 18 طائرة لهم، ليبقى في ذاكرة التاريخ التفوق النوعى للطيار المصري على نظيره الإسرائيلي رغم امتلاكه لأحدث المقاتلات في ذلك الحين.
وكان أحد أبطال الملحمة الجوية المصرية في “موقعة المنصورة”، الفريق محمود شاكر عبد المنعم، الذي يرجع فضل النصر ونجاح موقعة المنصورة له، بعد توفيق الله عز وجل، كأحد أعظم من أنجب سلاح الجو المصري بإدارة المعركة بنفسه، حيث كان نائبا لقائد القوات الجوية في حرب أكتوبر، الرجل الذي لم يتناول الإعلام كثيرًا دوره في الحرب.
الفريق محمود شاكر عبد المنعم، الذي كان ترتيبه الأول على الكلية الحربية والجوية، وحصل على المركز الأول في جميع البعثات والفرق التي حصل عليها، والأول على ماجستير العلوم العسكرية، والأول على دورة أركان الحرب فى الهند، والأول على دورة الدفاع الجوى فى الاتحاد السوفيتي، والأول أيضا على الدراسات العليا بأكاديمية ناصر العليا، كما تولى منصب كبير معلمي القوات الجوية الذى لا يتولاه غير الأقدم والأول على الدفعة.
وتجلى دور “شاكر” في موقعة المنصورة الجوية، من خلال إدارته لها، والتي كانت أطول معركة جوية حقيقية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي كشفت عن مهارة القوات الجوية وجهازيتها في حرب 73 إعدادا وتدريبا وتخطيطا، ردا على المشككين فيها، كما قام الفريق شاكر بالتنسيق مع قوات الدفاع الجوى بإسقاط المزيد من طائرات العدو بعد الانتهاء من المعركة الجوية وكانت هذه المعركة سببا في اختياره ليوم 14 أكتوبر عيدا للقوات الجوية يتم الاحتفال به كل عام.
لم تقتصر “موقعة المنصورة” على تخليد دور الفريق محمود شاكر عبد المنعم، بينما كان هناك صقر آخر من صقور القوات الجوية التي أدت دورا كبيرا في تحقيق النصر للقوات الجوية المصرية.
إنه الطيار محمد رضا عبد الحميد صقر، والمعروف بـ”رضا صقر”، ذلك البطل الذي تمكن من إسقاط طائرتي “فانتوم” من طائرات الاحتلال الإسرائيلي، خلال هجومه الجوي على مطار طنطا.
وعن موقعة المنصورة، روى “صقر” في حديث له أنه كان قائد تشكيل من مطار طنطا، وحينها تفاجأ بنداء على جهاز اللاسلكي الخاص بالعمليات، مبينًا أنه حينها كان يخبره زميله محمود الصاوي، بضرورة التوجه إلى المطار المتواجد في طنطا سريعًا، لوجود هجوم طائرات إسرائيلية عليه، قائلاً” كانوا تشكيلين كل واحد مكون من 4 طائرات وتعاملت مع آخر طائرة من السرب الأخير وهو يتخذ وضع الهجوم على ممر الطائرات المصرية، وضربتها بصاروخ وأصبتها وكان ذلك معجزة لأن طائرة الفانتوم إمكانياتها كبيرة جدا عن الميج التي كنت أقودها، وسقطت الطائرة المعادية برأسها في أرض زراعية بمطار طنطا ومات الطيار والملاح بداخلها”.
والجدير بالذكر أن “صقر” شارك في حرب الاستنزاف، ودمر طائرة أول طيار أسير بالسنبلاوين.