تاريخ ومزارات

المسلة الناقصة.. لو أكملها المصريون القدماء لأصبحت الأكبر بالعالم

أميرة جادو

المسلة الناقصة، واحدة من أعظم المعالم المصرية القديمة، تقع في مدينة أسوان. تشتهر هذه المسلة بحجمها الهائل، حيث لو تم إكمالها لكانت أكبر مسلة شُيدت على الإطلاق من قِبل المصريين القدماء. ومع أنها لم تكتمل، إلا أنها تُعد مصدرًا هامًا لفهم تقنيات المصريين القدماء في نحت المسلات.

اكتشاف المسلة الناقصة وأصولها

تم اكتشاف المسلة الناقصة في أوائل القرن العشرين، حيث كانت مغطاة بالرمال لآلاف السنين داخل أحد محاجر أسوان الشهيرة بجودة صخورها وصلابتها. يُعتقد أن الملكة حتشبسوت، التي حكمت بين عامي 1473 و1458 ق.م، هي من أمرت بنحت هذه المسلة لتُقام أمام معبد آمون في الكرنك. إلا أن ظهور تشققات في الحجر أدى إلى وقف العمل بها. يُقدر طول المسلة بحوالي 42 مترًا ووزنها 1168 طنًا، مما يجعلها من أطول وأثقل المسلات المصرية المعروفة.

رمز ديني ومعماري

أطلق المصريون القدماء على المسلات اسم “تكينو”، وهو يعني “اختراق السماء”. كانت المسلات عمودًا مستطيل الشكل ذي أربعة أوجه ومدببًا في أعلاه بهرم صغير. صُممت المسلات لتُقام على قواعد ضخمة، وغالبًا ما كانت تُستخدم لتخليد ذكرى شخصية بارزة أو حدث تاريخي، أو لتكريم الآلهة.

تقنيات النحت والنقل

والجدير بالإشارة أن المصريون القدماء كانوا ينحتون المسلات من قطعة حجرية واحدة، غالبًا من الجرانيت الأحمر المتوفر بشكل كبير في محاجر أسوان. بعد نحت المسلات من قاع الصخر، كان يتم نقلها عبر مياه النيل إلى مواقعها النهائية، حيث تُقام وتُنصب بمهارة فائقة.

التحديات والتخلي عن المشروع

خلال عملية نحت المسلة الناقصة، اكتشف العمال شقوقًا في الحجر، مما أدى إلى التخلي عن المشروع. بقيت المسلة في مكانها منذ ذلك الوقت، لتصبح شاهدة على تقنيات النحت والبناء في تلك الحقبة. يُظهر تحليل العلامات الموجودة على المسلة أن العمال كانوا يفصلون الحجر عن الصخر عن طريق حفر ثقوب وإدخال أسافين خشبية فيها. عندما تُنقع هذه الأسافين بالماء، تتمدد وتتسبب في انشقاق الصخر. بعد ذلك، يُستكمل تشكيل المسلة ونحتها قبل نقلها.

قيمة المسلة الناقصة التاريخية

والجدير بالذكر أنه بالرغم من عدم إكمال بناء المسلة، إلا أنها قدمت رؤى مهمة للعلماء حول المهارات الهندسية المذهلة للمصريين القدماء. تُعد المسلة الناقصة شاهدًا على عبقرية حضارة لم تقتصر إنجازاتها على المعابد والأهرامات، بل امتدت إلى إبداع معماري لا يزال يُبهر العالم حتى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى