سلسلة الصراعات بين روما وقرطاج.. تعرف على الحروب البونيقية
أميرة جادو
تعتبر الحروب البونيقية من أبرز الصراعات العسكرية التي شهدها التاريخ، وقد دارت بين عامي 264 و146 قبل الميلاد بين الإمبراطورية الرومانية ومدينة قرطاج. كانت هذه الحروب عبارة عن سلسلة من ثلاث صراعات ضخمة، تركزت حول السيطرة على البحر الأبيض المتوسط، واستمرت مجتمعة لمدة 43 عامًا من القتال المتواصل على الأرض والبحر.
تضمنت هذه الحروب أيضًا تمردًا استمر لأربع سنوات ضد قرطاج، والذي بدأ في عام 241 قبل الميلاد. عانى الطرفان من خسائر فادحة سواء على المستوى البشري أو المادي، مما جعل هذه الحروب من أكثر الصراعات كلفة في التاريخ.
المؤرخ بوليبيوس ووصفه للحروب البونيقية
وصف المؤرخ الإغريقي بوليبيوس هذه الحروب بأنها “أطول حرب في التاريخ وأشدها تعقيدًا”. وقد سادت المعارك البحرية على معظم مجرياتها، حيث دارت أغلب المعارك في مياه البحر المتوسط المحيطة بجزيرة صقلية. كان الدافع الرئيسي للنزاع هو الطموحات التوسعية لروما التي بدأت تتصادم مع مصالح قرطاج في تلك المنطقة، لا سيما بشأن السيطرة على صقلية.
توسع روما وبداية النزاع
بدأت شرارة الحروب البونيقية مع توسع روما غربًا باتجاه إسبانيا، وشرقًا نحو اليونان، وجنوبًا إلى صقلية، مما أدى إلى اصطدام مباشر مع مصالح قرطاج. وعلى الرغم من انتصار روما في الحربين البونيقيتين الأولى والثانية، إلا أن قرطاج كانت قريبة في عدة مناسبات من تحقيق النصر. خلال الحرب الثانية، برز الجنرال القرطاجي حنبعل الذي قاد جيشًا ضخمًا، بما في ذلك عدد كبير من الأفيال، عبر جبال الألب وصولًا إلى شبه الجزيرة الإيطالية، مسببًا حالة من الرعب في الريف الإيطالي واقترب من اجتياح روما نفسها.
هزيمة قرطاج وبداية الحرب البونيقية الثالثة
بحلول عام 149 قبل الميلاد، كانت روما قد فرضت هيمنتها على قرطاج بعد أن كلفها الانتصار في الحرب الثانية بتعويض مالي ضخم. ومنذ ذلك الحين، كان يتوجب على قرطاج الحصول على إذن من مجلس الشيوخ الروماني قبل خوض أي حرب. وعلى الرغم من دفع التعويض، كانت روما لا تزال تشعر بالقلق من بقاء قرطاج، وهو ما انعكس في تصريحات كاتو الأكبر الذي أنهى كل خطاباته بعبارة “وأعتقد أيضًا أنه يجب تدمير قرطاج”.
الحرب البونيقية الثالثة وسقوط قرطاج
في حين أن الحربين السابقتين امتدتا لعقود، كانت الحرب البونيقية الثالثة حملة مباشرة نسبياً قادتها القوات الرومانية لغزو شمال أفريقيا. وعلى الرغم من أن قرطاج وافقت على عدة مطالب رومانية لتجنب الدمار، إلا أنها رفضت قرار نقل المدينة إلى الداخل، مما أدى إلى اندلاع الصراع. ورغم الهزائم الأولية التي تكبدتها روما، تمكنت في النهاية من حصار المدينة، ما تسبب في مجاعة وذعر داخل قرطاج، لتنتهي بسقوطها النهائي.