قمبيز.. الملك الذي اتخذ من القطط خط دفاعه الأول
أسماء صبحي
قمبيز ملك الفرس، ويعرف بإسم قمبيز الثاني وهو ابن قورش الأكبر. وتولى الحكم بعد أن لقى والده حتفه في إحدى الحملات عام 529 ق.م. وعندما تولى العرش عمل على تثبيت دعائم حكمه وتأمين حدوده التي قامت فيها بعض القلاقل. وبعد أربعة سنوات بدأ في التفكير لاحتلال مصر وضمها إلى الإمبراطورية الفارسية.
أسباب غزو قمبيز لمصر
تقول أميمة حسين، الخبيرة في التراث، إن من أهم الاسباب التي دفعت قمبيز لغزو مصر ومكنته من احتلالها. هو رفض الملك أحمس الثاني طلب قورش ليد ابنتة وإرساله لابنة الملك أبريس بدلاً منها، مما أصاب قورش بالغضب الشديد. وضعف الجيش المصري لاعتماده الأساسي على كثير من العناصر الأجنبية المرتزقة الفاقدين للانتماء.
واضافت حسين، أن أحمس الثاني توفي قبل أن يصل قمبيز إلى مصر، فتولى ابنه بسماتيك الثالث الحكم خلفاً لوالده. وواجه جيش قمبيز بعد عبوره الصحراء الغربية ووصوله إلى القلعة الأمامية على حدود بيلوزيوم قرب بورسعيد.
وأشارت حسين، إلى أن قمبيز كان يضع في مقدمة جيوشه عدداً هائلاً من القطط التي هاجمت الجيش بشراسة بأظافرها الحادة. وتطلق مواءها الذي كان يحسبه الجنود صوتاً من أصوات الشياطين. وفي النهاية كانت الجيوش تنسحب من أمام جيوش قمبيز ليس بسبب خوفها من جنوده الأقوياء ولا أسلحته. ولكن خوفا من تلك الشياطين الصغيرة المعروفة لدينا بأسم القطط.
انتصار قمبيز
وتابعت الخبيرة في التراث، إن بسماتيك وقع أسيراً فى يد قمبيز، وتمكن من الاستيلاء على منف العاصمة، وتحولت مصر لولاية فارسية في عام 525 ق.م. وبمجرد دخوله منف انتقم منها شر انتقام، إذ قتل حوالي ألفين من المصريين انتقاماً من سكان منف. أما فى مدينه مدينة “سايس” فقد أمر بإخراج جثة أحمس الثاني ليقوم بالعبث والتنكيل بها وضربها بالعصى. كما أمر بنزع شعر بدنه ورأسه وانتهى الأمر بإحراق جسده.
ولفتت إلى أن قمبيز قام بضرب معابد هليوبوليس وهدمها وإحراقها، وسبب أضراراً جسيمة في طيبة وأتلف اثنتان من المسلات. وسخر من شكل الآلهة بتاح في معبده، ودخل أماكن محظور الدخول إليها سوى للكهنة فقط. وأدرك أن هذه القسوة لا تخضع شعبًا له مثل هذا التراث من الحضارة. فلجأ إلى اللين والهوادة في بعض الأوقات، فاتخذ لنفسه ألقابا مصرية مثل، ملك الشمال والجنوب، وابن رع. واتخذ لنفسه لقب حورس موحد الأرضين.
ثلاث حملات
وبعد أن استقر في مصر خطط لثلاث حملات، الأولى إلى قرطاجة وفشلت لأن أحسن البحارة لديه كانوا من الفينيقيون. ولما علموا أنهم سوف يحاربوا ضد أبناء عمومتهم وإخوانهم رفضوا. والثانية إلى نبته ( بلاد النوبة)، وانتهت بالفشل لأنه لم يجهز القوة اللازمة لهذه الحملة. فنفذت المؤن وأوشكت على الانتهاء، ولذلك اضطر الجنود إلى أكل العشب ثم أكل بعضهم بعضا، فسارع قمبيز إلى انهاء هذه الحملة الفاشلة. وعند عودته من نبته اتجه إلى “منف”فوجد المصريين يحتفلون بعيد لهم. فظن أنهم فرحون لفشله الذريع، فأمر أن يضرب الكهنة بالعصى وأن يقبض على كل المصريين المحتفلين بهذا العيد.
أما الثالثة إلى واحة سيوة، حيث تنبأ كهنة آمون بهزيمة قمبيز، مما أصابه بالغضب وأرسل حمله لواحة سيوه لهدم معبد آمون يقدر عدد جنودها 50.000 جندي حسب ما ذكره المؤرخ هيرودوت. ولكن لا يعلم أحد ماذا جرى لهؤلاء الجنود، ويقول أهل سيوة أن هؤلاء الجنود هبت عليهم ريح شديدة غمرتهم بجبال من الرمال وأخفتهم جميعا. ليظل اختفاء جيش قمبيز لغزاً حير علماء الآثار والباحثين والمؤرخين لعدة قرون.
ترك مصر
اضطر قمبيز لترك مصر بعد أن وردت إليه أنباء عن وقوع ثورات في فارس. وقد وصلته تلك الأنباء وهو في سوريا، وعندما كان يهم ليركب جواده أصابه نصل سيفه في فخذه فتوفي متأثرا بتسمم جرحه.