علي مبارك: رائد النهضة التعليمية والهندسية في مصر الحديثة
أسماء صبحي
يعتبر علي مبارك من أبرز الشخصيات التي ساهمت في النهضة التعليمية والهندسية في مصر في القرن التاسع عشر. ولد علي مبارك في قرية برنبال الجديدة بمحافظة الدقهلية، ونشأ في أسرة متواضعة. إلا أن ذكاءه وطموحه كانا سببا في أن يصبح واحداً من أكثر الشخصيات تأثيراً في عصره، حيث لعب دوراً محورياً في تحديث التعليم وتطوير البنية التحتية لمصر.
تعليم علي مبارك ونشأته
نشأ علي مبارك في بيئة ريفية، لكنه تمكن من الالتحاق بالمدارس العسكرية، حيث أظهر تميزاً ملحوظاً في دراسته، ما أهّله لإرسال بعثة تعليمية إلى فرنسا، حيث تعلّم الهندسة والعلوم الحديثة.
وكانت هذه الرحلة إلى فرنسا نقطة تحول كبرى في حياته، إذ اكتسب منها معرفة واسعة بتقنيات الهندسة والتنظيم المدني، وأصبح شغوفاً بتطوير وطنه من خلال المعرفة التي اكتسبها.
بعد عودته إلى مصر، أُوكل إلى علي مبارك مهمة تطوير التعليم، فأسس مدرسة المهندسخانة (التي أصبحت لاحقاً كلية الهندسة) ومدرسة دار العلوم، ليكون بذلك رائداً في نشر التعليم الفني والتقني. كما عمل على إصلاح النظام التعليمي المصري، وتوسيع نطاق التعليم ليشمل طبقات واسعة من الشعب المصري، مما كان له دور كبير في نشر العلم والمعرفة في البلاد.
دوره في تطوير البنية التحتية
إلى جانب جهوده التعليمية، كان علي مبارك أحد أعمدة تطوير البنية التحتية في مصر. وقاد مشروع إنشاء شبكة الري في الدلتا، وساهم في تنظيم الطرق وإنشاء الكباري والقناطر. ويعد مشروع “قناطر الدلتا” من أبرز أعماله، حيث ساهم في تحسين الري والزراعة بشكل كبير، مما دعم الاقتصاد المصري في ذلك الوقت.
ولم يكن علي مبارك مهندساً ومعلماً فقط، بل كان كاتباً ومؤرخاً أيضاً. كتب موسوعة “الخطط التوفيقية” التي وثقت أحوال مصر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية. وتعد هذه الموسوعة مرجعاً تاريخياً قيّماً، حيث قدم فيها توثيقاً شاملاً لمدن وقرى مصر، ووصفاً لحياة المصريين في تلك الفترة، ما جعله واحداً من أهم المؤرخين في تاريخ مصر الحديث.
الإرث والتأثير
بفضل جهوده، يعتبر علي مبارك مؤسس النهضة التعليمية والهندسية في مصر الحديثة، حيث أسهم في تحديث البلاد وإعداد أجيال جديدة من المتعلمين والمثقفين. وترك علي مبارك إرثاً من التغيير والتقدم، وما زالت إنجازاته تشهد على طموحه وإخلاصه لوطنه، مما يجعله واحداً من أبرز الشخصيات التاريخية التي أثرت في نهضة مصر الحديثة.