تاريخ ومزارات

مسجد محمد بك أبي الذهب: جوهرة معمارية تحكي تاريخ القاهرة

يعد مسجد محمد بك أبي الذهب واحداً من أبرز التحف المعمارية النادرة في قلب القاهرة، وهو يجسد نموذجاً معمارياً فريداً استوحاه محمد بك أبي الذهب من جامع السنانية بمنطقة بولاق. يقع المسجد بجوار الجامع الأزهر، ليشكل مع هذا الصرح التاريخي ثنائية معمارية فريدة تتناغم مع عبق التراث الإسلامي العريق.

تاريخ مسجد محمد بك أبي الذهب

كما انطلق محمد بك أبي الذهب في تشييد هذا المسجد في عام 1187 هجرياً. بهدف أساسي وهو دعم الأزهر الشريف في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب الوافدين من مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي. جاء هذا المشروع الكبير في سياق تاريخي حساس عقب سقوط بغداد بيد المغول عام 656 هجرياً وسقوط الأندلس عام 897 هجرياً، مما جعل الأزهر منارة علمية وحضارية بديلة للعالم الإسلامي.

أما في عام 1188 هجرياً، أتم محمد بك أبي الذهب بناء المسجد ليكون ليس فقط دار عبادة، بل مركزاً تعليمياً يضم مكتبة تحتوي على حوالي 650 كتاباً في مختلف العلوم والفنون، إلى جانب كتب نادرة بلغ عددها نحو 1292 مجلداً في مجالات التاريخ والفكر الإسلامي. كما ألحق بالمسجد تكية خاصة لمتصوفي الأتراك وسبيل يخصص لشرب الدواب، ما يعكس الرؤية الشاملة لمحمد بك أبي الذهب في خدمة المجتمع.

كما تميز المسجد بتصميم فريد جعله يعرف باسم المسجد المعلق، حيث بنيت تحت جهتيه الشرقية والشمالية مجموعة من الحوانيت، ويصعد إليه عبر سلالم مزدوجة مصنوعة من الرخام الملون تؤدي إلى دهليز مكشوف يحيط بمكان الصلاة من كل الجهات عدا جهة القبلة. هذا التصميم الهندسي جعل المسجد محطة بارزة في المشهد المعماري للقاهرة القديمة.

كما زينت أبواب وشبابيك المسجد بزخارف رائعة تضم أبياتاً شعرية وكتابات فنية، ويوجد به ثمانية شبابيك نحاسية ومنبر مزين بالصدف. من الجهة اليسرى خارج المقصورة، يقع مدفن الأمير محمد بك أبي الذهب، وعليه مقصورة نحاسية وتركيبة من الرخام تتزين بنقوش وزخارف وآيات قرآنية، لتبقى شاهدة على عظمة هذا الرجل الذي أسهم في تشكيل ملامح التاريخ المعماري الإسلامي في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى