تاريخ ومزارات

عبادة الكواكب فى الحضارات القديمة.. عرفها الإغريق والعرب

أميرة جادو

كانت هناك العديد من العبادات المختلفة والغريبة في العصور القديمة، وذلك قبل انتشار الأديان التوحيدية، ومن بين هذه العبادات كانت عبادة الكواكب، التي اشتهرت في عدة ثقافات قديمة. حيث كان يقدس الناس الأجرام السماوية مثل الكواكب، ويعتبرونها آلهة تعبد وتبجل. القرآن الكريم يشير أيضًا إلى تلك العبادة في أكثر من موضع، بما في ذلك عبادة الجاهليين للشمس والقمر، ويقول في ذلك: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}. كانت هذه الأجرام السماوية، وخاصة الشمس والقمر، تبهر الإنسان بوضوحها وبروزها في السماء، ما جعلها موضوعًا للعبادة في العديد من الثقافات القديمة.

الحضارة الآشورية

الكواكب في “الحضارة الآشورية”، كانت عبادة الكواكب تُعتبر جزءًا رئيسيًا من الديانة. وفقًا للدكتور سيد القمني في كتابه “الأسطورة والتراث”، نشأت عبادة كوكب الزهرة في مدينة الوركاء السومرية حيث عرفت الزهرة باسم “إينانا”، والتي تعني “سيدة السماء”. عندما دخل الساميون إلى بلاد الرافدين وأسسوا الدولة الأكادية، تحول اسمها إلى “عشتار”. مع ظهور الدولة الإمبراطورية الآشورية، لم تعد الزهرة ربة الحب واللذة فقط، بل أصبحت أيضًا ربة الحرب. الآشوريون، بطبيعتهم الدموية والمحاربة، وجدوا في الزهرة تجسيدًا لهذه الصفات، فكانت تعبد كإلهة الحب في المساء، وكإلهة الحرب في الصباح. وقد أطلقوا عليها لقب “سيدة الحرب”، لتكون إلهة الحرب بجانب كونها سيدة السماء وربة اللذة.

الحضارة الرومانية

عبادة الكواكب في “الحضارة الرومانية”، كان كوكب زحل يعرف باسم “ساتورن”، نسبة إلى إله الحصاد والزراعة والخير. لطالما اعتبر زحل كبير الآلهة، وله مكانة رفيعة في البانثيون الروماني. اعتقد الرومان أن الإله زحل قد قاد بلادهم إلى “العصر الذهبي”، ولذلك كانوا يحتفلون به كل عام في نهاية ديسمبر في مهرجان “ساتورن”. خلال هذا المهرجان، كان الرومان يتبادلون الهدايا ويتمنون لبعضهم البعض السعادة والرخاء. كانت هذه الاحتفالات تعبيرًا عن تقديرهم للإله زحل ودوره في تأمين الخير والنماء لبلادهم.

الحضارة الإغريقية

“كوكب المشتري”، المعروف أيضًا باسم “جوف”، كان يعبد كإله السماء والرعد في الحضارة الإغريقية، وملك الآلهة في الأساطير الرومانية القديمة. كان المشترى المعبود الرئيسي لدين الدولة الرومانية خلال العصور الجمهورية والإمبراطورية، واستمر في لعب دور مركزي في الحياة الدينية الرومانية حتى ظهور المسيحية.

عبادة الكواكب عند العرب قبل الإسلام

ووفقًا لما ذكر في كتاب “الشعراء الحنفاء”، للكاتب “أحمد جمال العمري”، فأن بعض العرب قبل الإسلام عبدوا الكواكب والنجوم. يرى بعض المستشرقين أن عبادة الكواكب كانت من أقدم العبادات عند العرب. أرجع بعض العلماء آلهة العرب الجنوبيين إلى ثلاثية الشمس والقمر والزهرة. كانت الصروح تبنى لرصد الكواكب وتحديد الطرق، وهي ما يُعرف بـ”الزجرات” أو الأماكن العالية.

انتشرت عبادة القمر في بلاد الساميين من وادي النهرين إلى سيناء، وكان يعرف باسم “سين”، ومنه اشتق اسم “سيناء”. كان العرب يعتبرون القمر إلهًا رئيسيًا، ويعتقد أن له مركزًا مهمًا في مدينة “أور” ببلاد الرافدين. العرب في الحجاز وجزيرة العرب، في فترة الوثنية، قدسوا المريخ ونجم سهيل وكوكب الشعرى وعطارد والأسد وزحل. ومع ذلك، كان للصنم الأنثى “مناة” مكانة خاصة، وكانت تعد من أهم الأصنام التي عبدها العرب قبل الإسلام، خاصة في مكة والبادية وثمود. وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم مع “العزى” و”اللات”، وكانت تقدس بشكل كبير من قبل القبائل مثل الأوس والخزرج وخزاعة، إلى درجة أنهم كانوا يحلفون بها ويقيمون طقوسًا خاصة لعبادتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى